وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ).
قال قائلون: هو صلة قوله: (سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا. . .) الآية.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: فيه الوعد لرسول اللَّه بالنصر له، والظفر على أعدائه.
والاستدراج: هو الأخذ في حال الغفلة من حيث أمن الرجل بغتة؛ كقوله: (فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).
وقال قائلون: الاستدراج: المكر، لكن معنى ما يضاف الاستدراج والمكر إلى الخلق غير المعنى الذي يضاف إلى اللَّه، والجهة التي تضاف إلى اللَّه غير الجهة التي تضاف إلى الخلق والجهة التي تضاف إلى الخلق مذمومة، والجهة التي تضاف إلى الله محمودة، وكذلك ما أضيف إلى اللَّه من المكر، والخداع والاستهزاء ونحوه، هو ما ذكرنا على اختلاف الجهات، والمعنى في الجهة التي تضاف إلى اللَّه غير الجهة التي تضاف إلى الخلق؛ لأن اللَّه - تعالى - يأخذهم بما يستوجبون ويستحقون بحق الجزاء والمكافأة، فلا يلحقه في ذلك ذم، وأما الخلق فيما بينهم يمكرون ويكيدون، لا على الاستحقاق والجزاء.
وعن الحسن في قوله: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ) قال: كلما جددوا لله معصية، جدد اللَّه لهم نعمة؛ ليستهزءوا ويأشروا ويبطروا، ثم يهلكهم.