وقد روي على هذا المعنى أخبر؛ روي أن رجلاً دعا في صلاته فقال: يا اللَّه، ويا رحمن، ويا رحيم، فقال رجل من المشركين: أليس يزعم مُحَمَّد وأصحابه أنهم يعبدون إلهًا واحدًا، فما بال هذا يدعو ربين اثنين؟! فأنزل اللَّه تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) ويحتمل قوله: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) أي: له الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى لا الأصنام التي تعبدونها، نحو ما سموها آلهة وأربابًا، فقال: هذه الأسماء التي تدعون بها الأصنام لله فادعوه بها، ولا تدعوا بها الأصنام.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ).

يحتمل أي: لا تكافئهم بصنيعهم ولا تجازهم بأذاهم إياك؛ فإن اللَّه هو المكافئ لهم والمجازي بصنيعهم؛ ألا ترى أنه قال في آخره: (سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

وقوله: (يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ).

قيل: الإلحاد هو الجور والميل عن الحق، والوضع في غير موضعه، وهم سموا ملحدين لما سموا غيره بأسمائه، أو لإشراك غيره في أسمائه.

أو سموا بذلك لما صرفوا شكر نعمه إلى غيره، وعبدوا دونه، مع علمهم أنه لم يكن منهم إليهم شيء من ذلك، إنما كان ذلك لهم من الله.

قال ابن عَبَّاسٍ: الإلحاد: الميل، في جميع القرآن.

وقيل: الإلحاد: التكذيب.

قَالَ الْقُتَبِيُّ: (يُلْحِدُونَ) أي: يجورون عن الحق ويعدلون.

وأصله: الجور والميل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015