قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَ)، وهَؤُلَاءِ لا يعرفونه، ولا يوحدونه؛ فهم أضل.
أو أن يقال: هم أضل لا يهتدون وإن هدوا ودعوا، والأنعام تهتدي.
أو هم أضل؛ لأنهم يُضلُّون وَيُضلُّون غيرهم، والأنعام لا.
أو هم أضل؛ لأنهم لا ينتفع بهم، والأنعام ينتفع بها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أُولَئِكَ هُمُ آلغَفِلُونَ).
عن فهم ما ألقي إليهم وأمروا به.
أو غافلون عما أوعدوا.
وقوله: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ... (180)
يحتمل هذا وجهين:
يحتمل أنهم قد ظنوا أن في إثبات عدد الأسماء إيجاب إثبات عدد من الذات، فأخبر أن ليس في إثبات عدد الأسماء إثبات أعداد من الذات؛ إذ قد يسمي الشيء الواحد بأسماء مختلفة، ثم لا يوجب ذلك إثبات عدد ذلك ولا تجزئته؛ من نحو ما تسمي الحركة: حركة، عرضا، شيئًا، خلقًا، من غير أن أوجب ذلك إثبات عدد الحركة أو تجزئتها، وكذلك في جميع الأشياء؛ فعلى ذلك يخبر أنه ليس في إثبات عدد من الأسماء إثبات عدد من الذات؛ على ما ذكرنا.
ويحتمل أن يكون خرج هذا مقابل قول كان منهم، وهو أن وصفوا اللَّه بشيء لا يحسن أن يوصف به، وأضافوا إليه أشياء لا يصلح أن تضاف؛ من نحو قولهم: يا خالق الخنازير، ويا خالق الخبائث، ويا إله القردة، ونحوه؛ فأخبر أن ادعوه بالأسماء الحسنى مما ثبت عند الخلق أنه مسمى به، من نحو ما أعطاهم؛ يقال: يا هادي، يا مرشد، ونحوه.
ويقال بما أعطاهم من النعم: يا كريم، يا جواد، يا لطيف، ونحوه.
ويقال: يا خالق، يا رازق، يا اللَّه، يا رحمن، يا رحيم؛ لما ظهر في أنفسهم من ألوهيته وربوبيته، فقال: لا تدعوا بكذا، ولكن ادعوا بالأسماء التي ثبت عند الخلق تحقيقها، وأنه يسمى بها، وهو ما ذكرنا، واللَّه أعلم.