يقل: ذرأنا الكل؛ فهذه في فريق، وهذه في فريق آخر، وهذا التأويل يرجع إلى الخصوص؛ ألا ترى أن الصبيان والمجانين لم يدخلوا فيه؟!

أو أن يكون قوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) أي: إلا لأكلفهم العبادة وآمرهم بها؛ فإن كان هذا فهي على الكل: على الكافر والمؤمن جميعًا، واللَّه أعلم.

ويحتمل: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) أي: ما خلقت الجن والإنس إلا لتشهد خلقتهم على وحدانية اللَّه، وصرف العبادة إليه، وقد شهدت خلقة كل كافر ومؤمن على وحدانية اللَّه، وألوهمته.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا).

الفقه: هو معرفة الشيء بمعناه الدال على نظيره، أو معرفة الشيء بمعناه الدال على مدبره؛ فهَؤُلَاءِ الكفرة لم يفقهوا؛ لما لم ينظروا إلى الأشياء لمعناها وحقائقها، إنما نظروا إلى الأشياء لظواهرها، وكذلك قوله: (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا) لما نظروا إلى ظواهرها، لم ينظروا إلى معانيها وحقيقتها؛ ليدلهم على تدبير منشئها وحكمته.

وكذلك قوله: (وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ) لما كانت للأنعام قلوب وأعين وآذان، لكن لا يفقهون معناها وحقيقتها، وإن كانوا يسمعون النداء، وينظرون ظواهر الأشياء؛ فعلى ذلك هَؤُلَاءِ الكفار، وإن كانوا يسمعون ويبصرون ما ذكرنا بعد أن لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015