وأنت خير الراحمين؛ لأن كل أحد دونه إنما يرحم ويغفر برحمته.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ ... (156)
تحتمل الكتابة الإيجاب، أي: أوجب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة أو الإثبات، أي: أثبت لنا وأعطنا في هذه الدنيا حسنة ويكون كقوله: (آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَاكْتُبْ لَنَا)، أي: وفق لنا العمل الذي نستوجب به الحسنة في الدنيا والآخرة.
ويحتمل: اكتب لنا في الدنيا الحسنات، ولا تكتب علينا السيئات، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً) تختم بها الدنيا وتنقضي بها، وإلا ما من مسلم إلا وله في هذه الدنيا حسنة أتاه إياها، وعلى ذلك يخرج قوله: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) أنهم إنما سألوا حسنة لأن يختموا عليها، ويكون قوله: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ)، كذا، واللَّه أعلم بذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (هُدْنَا إِلَيْكَ)، أي: ملنا إليك.
وقال غيرهم: (إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ)، أي: تبنا إليك.
وقيل: لذلك سمت اليهود أنفسهم يهودًا، أي: تائبين إلى اللَّه، لكن لو كان كما ذكر، كان قوله: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا) أي: تائبا، وذلك بعيد، ولكن