فتنتك أن يكون ذلك امتحانًا وابتلاء ابتداء، أي: تفعله امتحانًا وابتلاء لا تعذيبًا.

ويحتمل أن يكون على الاستفهام، لكن لم يخرج له الجواب؛ كقوله: (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ)، وقوله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ) ونحوه مما لم يخرج له جواب؛ فعلى ذلك هذا.

ويجوز أن يكون إهلاكه إياهم محنة بتفريط كان من بعضهم، وإن كان بعضهم برآء من ذلك على ما كان من أهل المركز من العصيان، وكان الفشل والهزيمة عليهم محنة منه إياهم؛ كقوله: (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ. . .) الآية؛ فعلى ذلك هذا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ).

قال أبو بكر: تضل بها، أي: تنهى من تشاء نهيًا ما لولا ذلك النهي لم يكن الفعل فعل الضلال، (وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ) أي تأمره أمرًا ما لولا ذلك الأمر لم يكن الفعل، فعل الاهتداء، لكن حرف " من " إنما يعبر به عن الأشخاص دون الأفعال، فلو كان على ما ذكر هو، لقال: (تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ)، فإن لم يقل ذا، ثبت أنه ليس على ما ذكر.

وتأويله عندنا: أنه يخلق فعل الضلال ممن يعلم أنه يختار ذلك، ويخلق فعل الهدى ممن يعلم أنه يختار ذلك، وهو خالق كل شيء.

وأصل ذلك: أن جميع ما يضاف إلى اللَّه من طريق الأفعال على اختلاف الإضافة باختلاف وجوهها حقيقة، ذلك من اللَّه خلق ما أضيف إليه من الوجه الذي يحق وصفه بأنه خالقه؛ فعلى ذلك قوله: (تَهْدِي) و (تُضِلُّ).

ويحتمل: توفق وتخذل.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَنْتَ وَلِيُّنَا) أي: أنت أولى بنا.

ويحتمل: أنت ولي هدايتنا.

أو: أنت ولي نعمتنا.

(فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015