وفي قوله: (لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا) (وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا) ذكر سفههم لعبادتهم شيئًا لا يملك لهم ضرّا ولا نفعًا.
وقوله: (اتَّخَذُوهُ) أي: اتخذوه، إلهًا عبدوه، (وَكَانُوا ظَالِمِينَ) في عبادتهم العجل؛ لأنهم وضعوا العبادة في غير موضعها، والألوهية في غير موضعها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ... (149) هذا حرف تستعمله العرب عند وقوع الندامة وحلولها، وتأويله: لما رأوا أنهم قد ضلوا سقط في أيديهم، أي: ندموا على ما كان منهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا) أي: لئن لم يرحمنا ربنا، ويوفقنا للهداية والعبادة له، ويغفر لنا لما كان منا من العبادة للعجل، والتفريط في العصيان (لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
ويحتمل قوله: (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا) ابتداء طلب الرحمة والمغفرة؛ كقوله: (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ. . .) الآية.
ويحتمل التجاوز لما كان منهم والعفو.
وفي قوله: (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ) بعد قوله: (لَهُ خُوَارٌ) دلالة أن الكلام هو ما يفهم منه المراد ليست الحروف نفسها؛ لأنه أخبر أن له خوارًا، ثم أخبر أنه كان لا يكلمهم، دل أن الصوت وإن كان ذا هجاء وحروف ليس بكلام، وذلك يدل لأصحابنا في مسألة: إذا حلف ألا يكلم فلانًا، ثم خاطبه بشيء لا يفهم مراده أن ذلك ليس بكلام، ولا يحنث.