له: مه، أي: اسكت، كما يقول الرجل لآخر: مه، أي: اسكت، " ما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين ".
والسحر: هو التحيير، وأخذ الأبصار، ولا حقيقة له؛ كقوله: (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا)، أي: متحيرًا، وقوله: (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ).
ثم دل قولهم: (مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) أن ما قالوا: إن هذا ساحر، وإنه سحر عن علم بالآية والنبوة له قالوا ذلك، لا عن جهل وغفلة حيث قالوا: (مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) ذلك منهم إياس من الإيمان به، وقبول الآيات لأنهم أخبروا أنهم لا يقبلون الآيات، ولا يصدقونه في ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ ... (133) إلى آخر ما ذكر.
قال أهل التأويل: لما قالوا ذلك أرسل اللَّه بعد السنين ونقص الثمرات الطوفان والآيات التي ذكر، ويحتمل أن يكون هذا وإن كان مؤخرًا في الذكر فهو مقدم؛ لما قال: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ) (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ) إلى آخره. (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) أي: يتعظون.
ثم اختلف أهل التأويل في الطوفان:
قَالَ بَعْضُهُمْ: الطوفان: الماء والمطر حتى خافوا الهلاك، وهو قول ابن عباس.
وعن عائشة، قالت: " سئل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن الطوفان، فقال: الموت "، فإن ثبت فهو.
وقيل: الطوفان: هو أنواع العذاب.