(115)

(116)

يجوز من همته الدنيا، وما ذكر أن يكون له الرسالة بحال، وهمَّة الأنبياء كانت الدِّين وطلب الآخرة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115)

هذا ليس على إلقاء هذا، وترك أُولَئِكَ الإلقاء؛ لأنه لو كان على إلقاء أحدهما لكان لا يتبين السحر من الآية، لكن إلقاء الأول كأنهم قالوا: يا موسى إما أن تلقي أولًا أو نحن الملقون أول مرة، وهو كما ذكر في آية أخرى: (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى) وقول موسى: (أَلْقُوا ... (116) كأنه أمره ربه أن يأمر بذلك؛ قال موسى: (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) هذا يدل أن السحر إنما يأخذ الأبصار على غير حقيقة كانت له، وهو كالسراب الذي يرى من بعيد؛ كقوله: (يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً. . .) الآية، فعلى ذلك السحر يأخذ الأبصار ظاهرًا، فإذا هو في الحقيقة باطل لا شيء، وكالخيال في القلوب لا حقيقة له، وكان قصدهم بالسحر استرهاب الناس، وتخويفهم به.

ألا ترى أنه ذكر في آية أخرى: (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى)، وقد ذكرنا أن ما جاء به الرسل لو كان سحرًا في الحقيقة، لكان ذلك حجة لهم في إثبات الرسالة؛ لأن قومهم لم يروهم اختلفوا إلى ساحر قط، فيدل ذلك أنهم إنما عرفوا ذلك باللَّه تعالى، وهو كالأنباء التي أتى بها رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى)، يخرج على وجهين:

أحدهما: أخذ سحرهم بصره كما أخذ أعين الناس.

والثاني: خاف أن سحرهم يمنع أُولَئِكَ عن رؤية حقيقة ما جاء به.

وقوله: (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) أي: أخذوا كقوله: (مَسْحُورُونَ).

أي: مأخوذ أعينكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015