(105)

أهلٌ لها؟ قيل: ليس فيه امتداح نفسه ولا تزكية له؛ لأنه إنما يذكر منة اللَّه تعالى أنه جعله بحيث توضع فيه الرسالة، وجعله أهلًا لها والتزكية والامتداح إنما يقع فيما هو فعله حقيقة لا فعل اللَّه، أو إن كان تزكية وامتداحًا فهو أمر بذلك، فجاز ذلك بالأمر.

أو أراد بذلك تعريفه؛ لما كان من عادة الملوك أنهم إذا بعث بعضهم إلى بعض رسولًا فإنهم لا يستقبلون الرسل بالمكروه والشر، بل يعظمون الرسل ويكرمونهم، وإن كان بينهم معاداة، فذكر أنه رسول من ربِّ العالمين؛ لئلا يستقبل بالمكروه.

وقوله: (مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قيل: العالم: هو جوهر الكل، وهو قول الفلاسفة.

وقال أبو بكر الأصم: رب العالمين، أي: مليك الخلائق.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ... (105)

قال أهل التأويل: إن موسى لما قال لفرعون إني رسول من رب العالمين فقال له كذبت فعند ذلك قال له موسى (حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ)، وأمكن أن يكون ذلك منه على غير تكذيب القول من فرعون ولكنه قال ذلك؛ لما أنه حقيق على كل أحد أكرمه اللَّه بالرسالة واختاره لها ألا يقول على اللَّه إلا الحق، أو أن يقول: إني رسول من ربّ العالمين حقيق على بعد ما أكرمني بالرسالة أن لا أقول على اللَّه إلا الحق.

وقوله: (حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ): قد ذكرنا ألا يصح الابتداء بهذا إلا بعد أن يسبق من فرعون كلام خرج ذلك الكلام من موسى جوابًا لما كان منه، وهو ما قال أهل التأويل: أنه قال له: لما قال: إني رسول من رب العالمين إليك -: كذبت؛ لم يرسلك إلينا، وكلامًا نحو هذا؛ فعند ذلك قال: (حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) أي ما كان ينبغي لي أن أقول على اللَّه الكذب وهو كما، قال عيسى: (سُبْحَانَكَ مَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015