طَعَامٌ ضًارَعت فِيهِ النَّصْرَانِية "؛ لأنه عم فيه النصارى؛ فدخل فيه عربهم وعجمهم؛ لأنهم دانوا بدينهم، وكل من دان بدين قوم فهو منهم.
ومن الدليل على أن العرب إذا دانوا بدين أهل الكتاب فهم من أهل الكتاب -: أن العجم لما أسلموا صار حكمهم حكم عرب أهل الإسلام؛ فإن ارتد أحد منهم، وسأل أن تؤخذ منه الجزية؛ كما كانت تؤخذ في الابتداء من المجوس - لم يُجَبْ إلى ذلك، وقيل له: إما أن تسلم، وإما أن تقتل، فهو بمنزلة عربي مسلم لو ارتد عن الإسلام، فلما كان حكم العجمي إذا دان بدين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حكم العرب - وجب أن يكون حكم العربي إذا دان بدين العجم من أهل الكتاب أن يجعل حكمه حكمهم، وباللَّه التوفيق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ):
ذكر إيتاء أجورهن، وقد يحللن لنا إذا لم نؤت أجورهن؛ دل أن ذكر الحكم في حال لا يوجب حظره في حال أخرى؛ فهو دليل لنا في جواز نكاح الإماء من أهل الكتاب، وإن ذكر في الآية المحصنات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. . .) الآية.
أي: ومن يكفر بالذي عليه الإيمان به، وهو الْمُؤْمَنُ به، أي: اللَّه؛ لأنه لا يكفر بالإيمان، ولكن يؤمن به، وهو كقوله: (حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)، أي: الموقَن به؛ فعلى ذلك الأول معناه: ومن يكفر بالذي عليه الإيمان به، وهو الْمُؤْمَنُ به (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، وباللَّه العصمة والهداية.
* * *
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا