ولم ينكر عبد الرحمن ذلك عليه، ولا أحد من الصحابة - رضوان اللَّه عليهم أجمعين - فلو كانوا أهل الكتاب لقال: " هم أهل الكتاب "، لم يقل: " سُنُّوا بِهِم سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ ".
وكذلك روي عن الحسن بن مُحَمَّد أنه قال: كتب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إلى مجوس هجر، فقال: " أَدْعُوكم إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّه، وَأَني رَسُولُ اللَّه فَإِنْ أَسْلَمْتُم فَلَكُم مَا لَنَا وَعَلَيكُم مَا عَلَينَا، وَمَنْ أَبَى فعَلَيهِ الْجِزيَةُ، غَيرَ آكِلي ذَبَائِحِهِمِ، وَلَا نَاكِحِي نِسَائِهِم ".
وإلى هذا ذهب أصحابنا - رحمهم اللَّه - في قولهم: إن المجوس ليسوا بأهل كتاب.
وأما نصارى بني تغلب: فإن عليًّا - رضي اللَّه عنه - قال: لا تحل ذبائح نصارى العرب؛ فإنهم ليسوا بأهل كتاب، وقرأ: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ).
وقال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تؤكل، وقرأ: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ. . .).
والآية الأولى تدل على أنهم أهل كتاب؛ لأن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - قد جعلهم منهم بقوله: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ)، فحكمهم حكمهم؛ إذ أخبر اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أنهم منهم.
ومما يدل على ذلك -أيضًا- قول رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حيث قال: " لَا يَخْتَلِجَنَّ فِي صَدْرِكَ