(147)

لله واعتصموا به، أُولَئِكَ مع المؤمنين، وسوف يؤتى اللَّه المؤمنين أجرًا عظيمًا ".

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) قال: لم يراءوا، وكانت سريرتهم كعلانيتهم أو أفضل.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ... (147)

تأويله - واللَّه أعلم - أن ليس لله - عَزَّ وَجَلَّ - حاجة في تعذيبه إياكم إن صدقتم وآمنتم، ولكن الحكمة توجب تعذيب من كفر به؛ وإلا ليس له حاجة في تعذيبكم، واللَّه أعلم.

ويحتمل أن يكون هذا في قوم أفرطوا في التكذيب ومعاندة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فظنوا أنهم إن آمنوا به وصدقوه - لم يغفر لهم ما كان منهم من الإفراط في التكذيب، والتمرد وفي المعاندة؛ فأخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أنه لا يعذبهم إن آمنوا به - بما كان منهم من الكذب والعناد؛ كقوله - تعالى -: (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)، واللَّه أعلم.

ثم الشكر فيما بين الخلق - يكون على الجزاء والمكافأة؛ كقوله: " من لم يشكر الناس لم يشكر اللَّه ".

وأما فيما بينهم بين ربهم: فهو على غير الجزاء والمكافأة؛ إذ ليس في وسعهم القيام بأداء شكر أصغر نعمة أنعمها عليهم عُمْرَهم؛ فدل أنه ليس يخرج الأمر على ما به أمر المكافأة؛ ولكنه يخرج على وجوه:

الأول: على معرفة النعم أنها منه.

والثاني: على معرفة التقصير والاعتراف بالعجز - عن أداء شكرها.

والثالث: ألا يستعملها إلا في طاعة ربه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)

يقبل الإيمان بعد الجحود والتكذيب؛ إذا تاب.

وقيل: (شَاكِرًا) أي: يقبل القليل من العمل إذا كان خالصًا، ليس كملوك الأرض لا يقبلون اليسير من الأشياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015