بل ينقطع عن قريب، واللَّه أعلم.
ويحتمل: (يَتَرَبَّصُونَ) ما ذكر من قوله - تعالى -: (وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ)، ثم خرج تأويله في قوله: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ)، ثم خص ذلك بقوله - تعالى -: (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ) الآية؛ فبين أنهم يتربصون بهم انقلاب الأمر ورجوعه إلى أعداء اللَّه؛ فمتى ظهرت لهم العواقب - أظهروا الذي له كان دينهم في الحقيقة - أنه كان لسعة الدنيا ونعيمها؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ. . .)، وقوله - تعالى -: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) الآية.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) الآية.
يحتمل هذا -أيضًا- وجهين:
يحتمل: لن يجعل اللَّه للكافرين على المؤمنين سبيلا في الحجج في الدنيا، أي: ليس للكافرين الحجة على المؤمنين في الدنيا من شيء، إلا أن يموه عليه، ويفتعل به ويعجز المؤمن في إقامة الحجة عليه، ودفع تمويهاته؛ وإلا ليس للكافر حجة يقيمها على المؤمن في الدنيا.
ويحتمل: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) في الآخرة، على دفع شهادتهم التي شهدوا عليهم؛ لأن أمة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يشهدون عليهم؛ كقوله - تعالى -: (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)، ثم لا سبيل لهم على دفع شهادتهم التي شهدوا عليهم، وردها، واللَّه أعلم.
وأيضًا: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا): في الحجة، أو في الشهادة، أو عند اللَّه في الخصومة، وإنما دعوا إلى كتبهم إذا أجابوا اللَّه فيما دعاهم إلى الإيمان بالكتب والرسل - عليهم السلام - أو في النصر؛ فيرجع أمره إلى العواقب، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ)
الاستحواذ: الغلبة. وقيل: الاستيلاء.