ويحتمل: (وَإِنْ تُحْسِنُوا) في إبقاء حقهن، والتسوية بينهن، وتتقوا الجور والميل، وتفضيل بعض على بعض.
ويحتمل: (وَإِنْ تُحْسِنُوا) في اتباع ما أمركم اللَّه من طاعته، وتتقوا عما نهاكم اللَّه من معاصيه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)
على الترغيب والوعيد، وقد ذكرنا معناه في غير موضع.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ... (129)
عن ابن عَبَّاسٍ في قوله: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ) في إيفاء الحق أن يستوي في قلوبكم الحب (وَلَوْ حَرَصْتُمْ) على العدل؛ لا تقدرون عليه في ذلك.
(فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ).
إلى التي تحب في النفقة والقسم؛ فتأتي الشابة التي تعجبك، وتدع الأخرى بغير قسم ولا نفقة.
روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كان يقول: اللَّهُمَّ أما قلبي فلا أملك، ولكن أرجو أن أعدل فيما سوى ذلك.
والعدل - هاهنا - التسوية؛ ألا ترى أنه قال في آية أخرى: (وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ليس هو ضد الجور؛ ولكن التسوية: يسوون بين ربهم وبين الأصنام في العبادة.
وعن عبيدة قال: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) في الحب.
وروي عن أبي قلابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان يعدل بين نسائه في القسمة ويقول: " اللَّهُمَّ هذه قِسمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلَا تُؤَاخِذْنِي فِيمَا تَمْلِكُ أَنْتَ وَلَا أَمْلِكُ.