دلت هذه الأحاديث التي ذكرنا على أن الرجل إذا كان له نسوة أن يسوي بينهن، فيقيم عند كل واحدة يومًا، إلا أن يصطلحا على غير ذلك، والصلح خير، كما قال اللَّه، عز وجل.
وبين قوله: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ ... )
أن على الرجل -وإن عدل بين نسائه في قسمة الأيام- ألا يخلي إحداهن من الوطء، واللَّه أعلم. ولا يكون وطؤه كله لغيرها، وتكون الأخرى كالمعلقة التي ليست بأيم ولا ذات زوج، لكنها إذا رضيت بإبطال حقها أو بدون حقها فإنه لا حرج على الزوج في ذلك، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا)
يحتمل: أن يكون رفع الحرج عن الزوج خاصة، وإن كان الفعل مضافًا إليهما؛ إذ ليس للمرأة لْي ترك حقها حرج، وكذلك قوله - تعالى -: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) ليس على المرأة جناح في الافتداء؛ لأنها تفتدي بمالها، ولها أن تُمَلِّكَ على مالها من شاءت؛ فكأنه قال - عَزَّ وَجَلَّ -: فلا جناح عليه في أخذ ما افتدت، أو في إبطال حقها إذا رضيت.
ويحتمل: أن يكون على ما ذكر، وهو أن لا حرج على المرأة المقام معه وإن استثقل الزوج ذلك ويكره صحبتها، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ).
عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: شحت المرأة بنصيبها من زوجها أن تدعه للأخرى، وشح الرجل بنصيبه من الأخرى.
وقيل: الشح: الحرص، وهو أن يحرص كل على حقه. وكان الشح والحرص واحد، وإن كان أحدهما في المنع، والآخر في الطلب؛ لأن البخل يحمله على الحرص، والحرص يحمله على المنع، وكل واحد منهما يكون سببًا للآخر، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا)
في أن تعطوهن أكثر من حقهن، وتتقوا في ألا تبخسوا من حقهن شيئًا.