الجميع في الخبر الذي به النسخ؛ فارتفع الحبس والأذى جميعًا، وذلك معقول: تأديب الرجل به أزجر له، وحبس المرأة أقطع لوجوه الزنا.
أو أن تكون الآية الأولى: في المحصنات؛ على تضمن المحصنين بالمعنى، والآية الثانية: في الذكور؛ على تضمن الإناث بالمعنى، لكن جرى الذكر على ما ظهر من فضل صيانة الأبكار في الإناث: إما تدينًا، أو حياء الافتضاح، أو بما الغالب عليهن الصون من المحارم، والحفظ عن قرب الذكور، ليس بشيء من ذلك في الذكور ولا في الثيبات من النساء، على أنه بعيد بلوغ النساء في قلة الحياء إلى أن يُعْلِنَ حتى يشهده أربع، والغالب عليهن ألا يخالطن هذا القدر من العدد.
ثم الدلالة على دخول الكل - قول رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " خُذُوا عَني، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَ سَبِيلًا. . . ": ذكر لهن؛ على ما جرى به الذكر في القرآن، ثم جمع في التفسير بين الكل؛ ثبت أن الذكر قد يضمن الكل، وذلك يبطل تأويل من يصرف الآية إلى الأبكار من الإناث والذكور، ومتى يحتمل وجود الكل مثل ذلك بعد النكاح على إثر خلوة الأزواج بهن والاطلاع على ما فيه المسبة الدائمة، والعار اللازم لهن، ثم كشف ذلك لجميع محارمها، ثم خوف الانتشار به ظاهرًا، وكيف يحتمل في مثل تلك الحال إلى تمكن من ذكر بحضرة من ذكر دون أن ينضم إلى زوجها؟
فتأويل من وجَّهَ الآية إلى الأبكار خارج عن المعروف.
ثم المروي من السنة، ثم بما أجمع عليه أهل التأويل عمل صاحبه على هذا جهله بألا يجوز بيان نسخ حكم بينه الكتاب بالسنة، ويحكم على اللَّه - تعالى - وعلى رسوله بحجر هذا النوع.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا. . .) الآية، ومعلوم أن عقوبة الزناة يتولاها الأئمة، فكأن الخطاب عليهم خرج، ثم قد أثبت الفاحشة منهن، ولم يأذن في إقامة عقوبتها حتى يستحضر أربعة فيشهدون بها؛ فعلى هذا أن ليس للأئمة تولي حد الزناة بعلمهم حتى يكون ثَمَّ شهود، وفي ذلك لزوم حق الستر إلى أقصى ما ينتهي إليه من إعلان الفعل من الزناة؛ إذ ذلك أمر معلوم فيما يحل ألا يفعل إلا في أحوال الخلوات التي تعلم حقيقة ذلك بالولد يكون، فأما