فعلى ذلك الأول: سمى اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - ذلك ميراثًا له، وإن كان عبيده وما في أيديهم ملكًا له، واللَّه أعلم.
قال الشيخ - رحمه اللَّه -: وقوله - تعالى، -: (وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ): وكانت له لا بحق الميراث؛ لوجهين:
أحدهما: على الإخبار عن ذهاب أهلها، وبقائه - عَزَّ وَجَلَّ - دائمًا؛ إذ ذلك وصف المواريث أن تكون لمن له البقاء بعد فناء من تقدم، واللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - هو الباقي بعد فناء الكل، مما يجوز القول بما هو له في الحقيقة من قبله بالميراث؛ من حيث مَلَّكَ غيره الانتفاع بذلك؛ وعلى ذلك المرُوي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " لَا يَرِثُ الكَافِرُ الْمُسلِمَ، وَلَا الْمُسلِمُ الكَافِرَ، إِلا المَوْلَى مِنْ عَبدِهِ "، وليس ذلك في الحقيقة ميراثًا، إذ كان له في حال حياته؛ ولكن كان ولاية الانتفاع به فزال؛ وعلى مثل هذا وراثة المسلمين الجنة، لا على انتقال من غيرهم إليهم، ولكن على بقائهم فيها، وحصول أمرها لهم، أو على وراثة ما لو كان من لم يؤمن آمن، وما ادعوا أنها لهم بقولهم: (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى)، فصارت ميراثًا لغيرهم ما ادعوا أنها لهم، واللَّه أعلم.
والثاني: أن يعلم كل بالموت حقيقتها أنها له فأضيفت إليه بالميراث عنهم؛ كما قال - تعالى -: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جمَيعًا)، (وَإليهِ المَصِيُر)، والمرجع ونحو ذلك من غير غيبة عنه، ولكن ما يعلم كل إذ ذاك ذلك؛ وكذلك قوله - عز وجل -: (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)، وهو في الحقيقة كل يوم له، ولا قوة إلا باللَّه.
وفي الذكر والإخبار أنها له ميراث - تحريض على الإنفاق والتزود؛ إذ هي في الحقيقة لغير أهلها؛ وإنما لهم ما ينفقون ويتزودون دون ما يمسكون، وفيه منع الإمساك؛ وذلك كقوله - تعالى -: (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. . .) الآية