(162)

(163)

(164)

أصيب من المشركين؛ فقال الناس: لعل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أخذها لنفسه؛ فأنزل اللَّه - تعالى -: (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ (162)

قيل: أفمن لم يغل، ولم يأخذ من الغنيمة شيئًا - كمن غلَّ وأخذ منها؟! ليسا سواء؛ رجع أحدهما برضوان اللَّه، والآخر بسخطه.

ويحتمل: (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ): أفمن أطاع اللَّه واتبع أمره، كمن عصى اللَّه واتبع هواه؟! ليسا بسواء.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ (163)

والدرجات - واللَّه أعلم -: ما يقصدها أهلها. والدركات: ما تدركهم من غير أن يقصدوها؛ كالدرك في العقود يدرك من غير قصد.

وقيل: الدرجات: ما يعلو. والدركات: ما يَسْفُل، واللَّه أعلم. فهذا في التسمية المعروفة أنْ سُمِّيَتِ النار دركات والجنة درجات، وحقيقة ذلك واحد، والآية تدل على الأمرين.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ (164)

وجه المنة فيما بعث الرسل عليهم من البشر، ولم يرسلهم من الملائكة ولا من الجن - وجوه:

أحدها: أن كل جوهر يألف بجوهره، وينضم إليه ما لم يألف بجوهر غيره، ولا ينضم إلى جنس آخر، فإذا كان كذلك، والرسل إنما بعثوا لتأليف قلوب الخلق وجمعهم، والدعاء إلى دين يوجب الجمع بينهم، ويدفع الاختلاف من بينهم - فإذا كان ما وصفنا بُعِثُوا من جوهرهم وجنسهم؛ ليألفوا بهم وينضموا إليهم، واللَّه أعلم.

والثاني: أن الرسل لابد لهم من أن يقيموا آيات وبراهين لرسالتهم، فإذا كانوا من غير جوهرهم وجنسهم لا يظهر لهم الآيات والبراهين؛ لما يقع عندهم أنهم إنما يأتون ذلك بطباعهم دون أن يأتوها بغير إعطائهم إياها ذلك.

والثالث: أن ليس في وسع البشر معرفة غير جوهرهم وغير جنسهم من نحو الملائكة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015