عرفتموه خان قط أَوْ غَلَّ؛ فكيف يحتمل الخيانة بعدما أرسل؟! هذا لا يحتمل.

ومن قرأه بالرفع أي: يُغَلَّ، فهو -أيضًا- يحتمل وجهين، أي: يتهم بالغلول في الغنيمة؛ فهو يرجع إلى تأويل الأول.

ويحتمل قوله: " أن يُغَلَّ " أن يخان في الغنيمة، لا يخون ولا يحل أن يخان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في الغنيمة؛ فإنه يطلع على ذلك، يطلع اللَّه [رسوله]، على ما جاء في بعض الأخبار أنه مرَّ بقبر، فقال: إنه في عذاب، قيل: بماذا يا رسول اللَّه؟! فقال: " إِنَّهُ كَانَ أَخَذَ مِنَ الغَنِيمَةِ قَدْرَ دِرْهَمَينِ أَوْ نَحْوَهُ ".

ويحتمل: خصوص الغنيمة بما يتناول الغالَّ حِلُّهُ، بما لا يعرف له صاحب؛ كالمال الذي لا مالك له، وربما يباح التناول منه للحاجة والأخذ بغير البدل بوجه لا يحتمل بتلك أكل الحل من ذلك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ):

أي: يؤخذ به يوم القيامة، وهكذا كل من أخذ من مال غيره بغير إذنه؛ فإنه يؤخذ به.

وقال بعض الناس: وإنما خص الغنيمة بفضل وعيد؛ لأن الغلول فيها يجحف بحق الفقراء وأهل الحاجة، أو يضر ذلك أصناف الخلق، وسائرُ الأموال ليس كذا.

وقيل: إنما جاء الوعيد في هذا أنهم كانوا أهل نفاق، يستحلون الغلول في الغنيمة والأخذ منها، وهذا كأنه أشبه.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: بعث رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - جيشًا فغلوا رأس ذهب؛ فنزلت الآية، (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ).

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -أيضًا- قال: فُقِدَتْ قطيفة حمراء يوم بدر مما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015