دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)، لا يجوز أن يدعو هَؤُلَاءِ الأنبياء - عليهم السلام - ثم لا يجاب لهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ):
أمر اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن يشاور أصحابه في الأمر؛ ففيه وجوه ثلاثة:
أحدها: أنه لا يجوز له أن يأمره بالمشاورة فيما فيه النص، وإنما يأمر بها فيما لا نص فيه؛ ففيه دليل جواز العمل بالاجتهاد.
والثاني: لا يخلو أمره بالمشاورة، إما لعظم قدرهم وعلو منزلتهم عند اللَّه، أو لفضل العقل ورجحان اللب؛ فكيفما كان فلا يجوز لمن دونهم أن يسووا أنفسهم بهم، ولا جائز -أيضًا- أن يأمر نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بمشاورة أصحابه، ثم لا يعمل برأيهم؛ دل أنهم إذا اجتمعوا كان الحق لا يشذ عنهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إنما أمر نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بمشاورتهم في أمر الحرب والقتال، وعن الحسن - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " لما أنزل اللَّه - تعالى -: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) - قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ ورَسُولَهُ غَنيَّانِ عَنْ مُشاوَرَتِكُم "؛ ولكنه أراد أن يكون سُنَّة لأمته "، وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كان يقرأ: " وشاورهم في بعض الأمر ".
وقيل: أمر اللَّه نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن يشاور أصحابه في الأمور، وهو يأتيه وحي السماء؛ لأنه أطيب لأنفس القومِ، وأن القوم إذا شاورهم بعضهم بعضًا فأرادوا بذلك وجه اللَّه - عزم الله لهم على أَرْشدِهِ.
وقيل: إن العرب في الجاهلية كانوا إذا أراد سيدهم أن يقطع أمرا دونهم، لا يشاورهم في الأمر شق عليهم؛ فأمر اللَّه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن يشاورهم في الأمر إذا أراد؛ فإن ذلك أعطف لهم عليه، وأذهب لأضغانهم.
وفي بعض الأخبار قيل: " يا رسول اللَّه، ما العزم؟ قال: " أن تستشير ذا الرأي، ثم