تفسير القرطبي (صفحة 7287)

[تفسير سورة الضحى]

سُورَةُ" الضُّحَى" مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ. وَهِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الضحى (93): الآيات 1 الى 3]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالضُّحى (?) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (?) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (?)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الضُّحى «1»، وَالْمُرَادُ بِهِ النَّهَارُ، لِقَوْلِهِ: وَاللَّيْلِ إِذا سَجى فَقَابَلَهُ بِاللَّيْلِ. وَفِي سُورَةِ (الْأَعْرَافِ) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ. أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ «2» [الأعراف: 98 - 97] أَيْ نَهَارًا. وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَجَعْفَرُ الصَّادِقُ: أَقْسَمَ بِالضُّحَى الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَبِلَيْلَةِ الْمِعْرَاجِ. وَقِيلَ: هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي خَرَّ فِيهَا السَّحَرَةُ سُجَّدًا. بَيَانُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى «3» [طه: 59]. وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ: فِيهِ إضمار، مجازه ورب الضحى. وسَجى مَعْنَاهُ: سَكَنَ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةُ. يُقَالُ: لَيْلَةٌ سَاجِيَةٌ أَيْ سَاكِنَةٌ. وَيُقَالُ لِلْعَيْنِ إِذَا سَكَنَ طَرَفُهَا: سَاجِيَةٌ. يُقَالُ: سَجَا اللَّيْلُ يَسْجُو سَجْوًا: «4» إِذَا سَكَنَ. وَالْبَحْرُ إِذَا سَجَا: سَكَنَ. قَالَ الْأَعْشَى:

فَمَا ذَنْبُنَا «5» أَنْ جَاشَ بَحْرُ ابْنِ عَمِّكُمْ ... وَبَحْرُكَ سَاجٍ مَا يُوَارِي الدَّعَامِصَا

وَقَالَ الرَّاجِزُ:

يَا حَبَّذَا الْقَمْرَاءُ والليل الساج ... وطرق مثل ملاء النساج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015