تفسير القرطبي (صفحة 6629)

فَعُّولٍ فَهُوَ مَفْتُوحُ الْأَوَّلِ، مِثْلَ سَفُّودٍ (?) وَكَلُّوبٍ وَتَنُّورٍ وَسَمُّورٍ وَشَبُّوطٍ، إِلَّا السُّبُّوحَ وَالْقُدُّوسَ فَإِنَّ الضَّمَّ فِيهِمَا أَكْثَرُ، وَقَدْ يُفْتَحَانِ. وَكَذَلِكَ الذُّرُّوحُ (?) بِالضَّمِّ وَقَدْ يُفْتَحُ. (السَّلامُ) أَيْ ذُو السَّلَامَةِ مِنَ النَّقَائِصِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا فِي اللَّهِ السَّلامُ: النِّسْبَةُ، تَقْدِيرُهُ ذُو السَّلَامَةِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَرْجَمَةِ النِّسْبَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: مَعْنَاهُ الَّذِي سَلِمَ مِنْ كُلِّ عيب وبرئ من كل نقصى. الثَّانِي: مَعْنَاهُ ذُو السَّلَامِ، أَيِ الْمُسَلِّمُ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْجَنَّةِ، كَمَا قَالَ: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس: 58]. الثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَاهُ الَّذِي سَلِمَ الْخَلْقُ مِنْ ظُلْمِهِ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ، وَعَلَيْهِ وَالَّذِي قبله يكون صفة فعل. وعلى أنه البرئ مِنَ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ يَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ. وَقِيلَ: السَّلامُ مَعْنَاهُ الْمُسَلِّمُ لِعِبَادِهِ. الْمُؤْمِنُ) أَيِ الْمُصَدِّقُ لِرُسُلِهِ بِإِظْهَارِ مُعْجِزَاتِهِ عَلَيْهِمْ وَمُصَدِّقُ الْمُؤْمِنِينَ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ وَمُصَدِّقُ الْكَافِرِينَ مَا أَوْعَدَهُمْ مِنَ الْعِقَابِ. وَقِيلَ: الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُؤْمِنُ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ عَذَابِهِ وَيُؤْمِنُ عِبَادَهُ مِنْ ظُلْمِهِ، يُقَالُ: آمَنَهُ مِنَ الْأَمَانِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْخَوْفِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (?) [قريش: 4] فَهُوَ مُؤْمِنٌ، قَالَ النَّابِغَةُ:

وَالْمُؤْمِنُ الْعَائِذَاتِ الطَّيْرَ يَمْسَحُهَا ... رُكْبَانُ مَكَّةَ بَيْنَ الْغِيلِ وَالسَّنَدِ (?)

وَقَالَ مجاهد: المؤمن الذي وحد نفسه بقول: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ (?) [آل عمران: 18]. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُخْرِجَ أَهْلُ التَّوْحِيدِ مِنَ النَّارِ. وَأَوَّلُ مَنْ يَخْرُجُ مَنْ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ نَبِيٍّ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا مَنْ يُوَافِقُ اسْمُهُ اسْمَ نَبِيٍّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِبَاقِيهِمْ: أَنْتُمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015