وَعِيدِهِ وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ يَا مُحَمَّدُ عَلَى جَبَلٍ لَمَا ثَبَتَ، وَتَصَدَّعَ مِنْ نُزُولِهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْكَ وَثَبَّتْنَاكَ لَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ امْتِنَانًا عَلَيْهِ أَنْ ثَبَّتَهُ لِمَا لَا تَثْبُتُ لَهُ الْجِبَالُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ خِطَابٌ لِلْأُمَّةِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَنْذَرَ بِهَذَا الْقُرْآنِ الْجِبَالَ لَتَصَدَّعَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. وَالْإِنْسَانُ أَقَلُّ قُوَّةً وَأَكْثَرُ ثَبَاتًا، فَهُوَ يَقُومُ بِحَقِّهِ إِنْ أَطَاعَ، وَيَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ إِنْ عَصَى، لأنه موعود بالثواب، ومزجور بالعقاب.
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (22)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَالِمُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ. وَقِيلَ: مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ. وَقَالَ سَهْلٌ. عَالِمٌ بِالْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا. وَقِيلَ: الْغَيْبِ مَا لَمْ يَعْلَمُ الْعِبَادُ وَلَا عَايَنُوهُ. وَالشَّهادَةِ مَا عَلِمُوا وَشَاهَدُوا. (هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) تقدم».
[سورة الحشر (59): آية 23]
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) أَيِ الْمُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، وَالطَّاهِرُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ. وَالْقَدَسُ (بِالتَّحْرِيكِ): السَّطْلُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ، لِأَنَّهُ يُتَطَهَّرُ بِهِ. وَمِنْهُ الْقَادُوسُ لِوَاحِدِ الْأَوَانِي الَّتِي يُسْتَخْرَجُ بِهَا الْمَاءُ مِنَ الْبِئْرِ بِالسَّانِيَةِ «2». وَكَانَ سِيبَوَيْهِ يَقُولُ: قَدُّوسٌ وَسَبُّوحٌ، بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا. وَحَكَى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ سَمِعَ عِنْدَ الْكِسَائِيِّ أَعْرَابِيًّا فَصِيحًا يُكْنَى أَبَا الدِّينَارِ يَقْرَأُ الْقُدُّوسُ بِفَتْحِ الْقَافِ. قال ثعلب: كل اسم على