وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْمُزْنَ السَّحَابُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَالثَّوْرِيِّ: الْمُزْنُ السَّمَاءُ وَالسَّحَابُ. وَفِي الصِّحَاحِ: أَبُو زَيْدٍ: الْمُزْنَةُ السَّحَابَةُ الْبَيْضَاءُ وَالْجَمْعُ مُزْنٌ، وَالْمُزْنَةُ الْمَطْرَةُ، قَالَ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مُزْنَةً ... وَعُفْرُ الظِّبَاءِ فِي الْكِنَاسِ تَقَمَّعُ (?)
(أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) أَيْ فَإِذَا عَرَفْتُمْ بِأَنِّي أَنْزَلْتُهُ فَلِمَ لَا تَشْكُرُونِي بِإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِي؟ وَلِمَ تُنْكِرُونَ قُدْرَتِي عَلَى الْإِعَادَةِ؟. (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) أَيْ مِلْحًا شَدِيدَ الْمُلُوحَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. الْحَسَنُ: مُرًّا قُعَاعًا (?) لَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي شرب ولا زرع ولا غيرهما. (فَلَوْلا) أَيْ فَهَلَّا تَشْكُرُونَ الَّذِي صَنَعَ ذَلِكَ بِكُمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) أَيْ أَخْبِرُونِي عَنِ النَّارِ الَّتِي تُظْهِرُونَهَا بِالْقَدْحِ مِنَ الشَّجَرِ الرَّطْبِ (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها) يَعْنِي الَّتِي تَكُونُ مِنْهَا الزِّنَادُ وَهِيَ الْمَرْخُ وَالْعَفَارُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فِي كُلِّ شَجَرٍ نَارٌ، وَاسْتَمْجَدَ الْمَرْخُ وَالْعَفَارُ، أَيِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا، كَأَنَّهُمَا أَخَذَا مِنَ النَّارِ مَا هُوَ حَسْبُهُمَا. وَيُقَالُ: لِأَنَّهُمَا يُسْرِعَانِ الْوَرْيَ. يُقَالُ: أَوْرَيْتُ النَّارَ إِذَا قَدَحْتُهَا. وَوَرَى الزَّنْدُ يَرِي إِذَا انْقَدَحَ مِنْهُ النَّارُ. وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: وَوَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي بِالْكَسْرِ فِيهِمَا. (أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) أَيِ الْمُخْتَرِعُونَ الْخَالِقُونَ، أَيْ فَإِذَا عَرَفْتُمْ قُدْرَتِي فَاشْكُرُونِي وَلَا تُنْكِرُوا قُدْرَتِي عَلَى الْبَعْثِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) يَعْنِي نَارَ الدُّنْيَا موعظة للنار الكبرى، قال قَتَادَةُ. وَمُجَاهِدٌ: تَبْصِرَةً لِلنَّاسِ مِنَ الظَّلَامِ. وَصَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ بَنُو آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ) فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةٌ، قَالَ: (فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا). (وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) قَالَ الضَّحَّاكُ: أَيْ مَنْفَعَةً لِلْمُسَافِرِينَ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِنُزُولِهِمُ القوى وهو القفر. الفراء: إنما يقال