تَسْمَعُ لِلْحَلْيِ وَسْوَاسًا إِذَا انْصَرَفَتْ ... كَمَا اسْتَعَانَ بِرِيحٍ عِشْرِقٌ زَجِلُ (?)
وَقَدْ مَضَى فِي (الْأَعْرَافِ (?)). (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) هُوَ حَبْلُ الْعَاتِقِ وَهُوَ مُمْتَدٌّ مِنْ نَاحِيَةِ حَلْقِهِ إِلَى عَاتِقِهِ، وَهُمَا وَرِيدَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ. رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ. وَالْحَبْلُ هُوَ الْوَرِيدُ فَأُضِيفَ إِلَى نَفْسِهِ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْوَرِيدُ الْوَتِينُ وَهُوَ عِرْقٌ مُعَلَّقٌ بِالْقَلْبِ. وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِلْقُرْبِ، أَيْ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ وَرِيدِهِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ قُرْبِ الْمَسَافَةِ. وَقِيلَ: أَيْ وَنَحْنُ أَمْلَكُ بِهِ مِنْ حَبْلِ وَرِيدِهِ مَعَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: أَيْ وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ مِنْ حَبْلِ وَرِيدِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ عِرْقٌ يُخَالِطُ الْقَلْبَ، فَعِلْمُ الرَّبِّ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ عِلْمِ الْقَلْبِ، رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ مُقَاتِلٍ قَالَ: الْوَرِيدُ عِرْقٌ يُخَالِطُ الْقَلْبَ، وَهَذَا الْقُرْبُ قُرْبُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَأَبْعَاضُ الْإِنْسَانِ يَحْجُبُ البعض البعض ولا يحجب علم الله شي. قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) أَيْ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ وَرِيدِهِ حِينَ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ، وَهُمَا الْمَلَكَانِ الْمُوَكَّلَانِ بِهِ، أَيْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِأَحْوَالِهِ فَلَا نَحْتَاجُ إِلَى مَلَكٍ يُخْبِرُ، وَلَكِنَّهُمَا وُكِّلَا بِهِ إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ، وَتَوْكِيدًا لِلْأَمْرِ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: (الْمُتَلَقِّيانِ) مَلَكَانِ يَتَلَقَّيَانِ عَمَلَكَ: أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِكَ يَكْتُبُ حَسَنَاتِكَ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِكَ يَكْتُبُ سَيِّئَاتِكَ. قَالَ الْحَسَنُ: حَتَّى إِذَا مِتَّ طُوِيَتْ صَحِيفَةُ عَمَلِكَ وَقِيلَ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (?) عَدَلَ وَاللَّهِ عَلَيْكَ مَنْ جَعَلَكَ حَسِيبَ نَفْسِكِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَكَّلَ اللَّهُ بِالْإِنْسَانِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَحْوَالِهِ مَلَكَيْنِ بِاللَّيْلِ وَمَلَكَيْنِ بِالنَّهَارِ يَحْفَظَانِ عَمَلَهُ، وَيَكْتُبَانِ أَثَرَهُ إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ: أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ). وَقَالَ سُفْيَانُ: بَلَغَنِي أَنَّ كَاتِبَ الْحَسَنَاتِ أَمِينٌ عَلَى كَاتِبِ السَّيِّئَاتِ فَإِذَا أَذْنَبَ [العبد] قال