تفسير القرطبي (صفحة 6279)

أَيْ مُخْتَلِطٍ. يَقُولُونَ مَرَّةً سَاحِرٌ وَمَرَّةً شَاعِرٌ وَمَرَّةً كَاهِنٌ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مُخْتَلِفٌ. الْحَسَنُ: مُلْتَبِسٌ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَاسِدٌ، وَمِنْهُ مَرِجَتْ أَمَانَاتُ النَّاسِ أَيْ فَسَدَتْ، وَمَرِجَ الدِّينُ وَالْأَمْرُ اخْتَلَطَ، قَالَ أبو دواد:

مَرِجَ الدِّينُ فَأَعْدَدْتُ لَهُ ... مُشْرِفَ الْحَارِكِ مَحْبُوكَ الْكَتَدْ «1»

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَرِيجُ الْأَمْرُ الْمُنْكَرُ. وَقَالَ عَنْهُ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي عَطَاءٍ: (مَرِيجٍ) مُخْتَلِطٌ. وَأَنْشَدَ «2»:

فَجَالَتْ فَالْتَمَسْتُ بِهِ حَشَاهَا ... فَخَرَّ كَأَنَّهُ خُوطٌ مَرِيجٌ

الْخُوطُ الْغُصْنُ. وَقَالَ عَنْهُ الْعَوْفِيُّ: فِي أَمْرِ ضَلَالَةٍ وَهُوَ قَوْلُهُمْ سَاحِرٌ شَاعِرٌ مَجْنُونٌ كَاهِنٌ. وَقِيلَ: مُتَغَيِّرٌ. وَأَصْلُ الْمَرَجِ الِاضْطِرَابُ وَالْقَلَقُ، يُقَالُ: مَرِجَ أَمْرُ النَّاسِ وَمَرِجَ أَمْرُ الدِّينِ وَمَرِجَ الْخَاتَمُ فِي إِصْبَعِي إِذَا قَلِقَ مِنَ الْهُزَالِ. وَفِي الْحَدِيثِ: (كَيْفَ بِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ «3» إِذَا كُنْتَ فِي قَوْمٍ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا وَهَكَذَا) وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدُ وقد ذكرناه في كتاب (التذكرة).

[سورة ق (50): الآيات 6 الى 11]

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (11)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015