أَنْتَ كَذَا وَكَذَا. (هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ) الْعَجِيبُ الْأَمْرُ الَّذِي يُتَعَجَّبُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْعُجَابُ بِالضَّمِّ، وَالْعُجَّابُ بِالتَّشْدِيدِ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْأُعْجُوبَةُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: عَجَبُهُمْ أَنْ دُعُوا إِلَى إِلَهٍ وَاحِدٍ. وَقِيلَ: مِنْ إِنْذَارِهِمْ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ. وَالَّذِي نَصَّ عليه القرآن أولى. قوله تعالى: (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً) نُبْعَثُ، فَفِيهِ إِضْمَارٌ. (ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) الرَّجْعُ الرَّدُّ أَيْ هُوَ رَدٌّ بَعِيدٌ أَيْ مُحَالٌ. يُقَالُ: رَجَعْتُهُ أَرْجِعُهُ رَجْعًا، وَرَجَعَ هُوَ يَرْجِعُ رُجُوعًا، وَفِيهِ إِضْمَارٌ آخَرُ، أَيْ وَقَالُوا أَنُبْعَثُ إِذَا مِتْنَا. وَذِكْرُ الْبَعْثِ وإن لم يجرها هنا فَقَدْ جَرَى فِي مَوَاضِعَ، وَالْقُرْآنُ كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ. وَأَيْضًا ذِكْرُ الْبَعْثِ مُنْطَوٍ تَحْتَ قَوْلِهِ: (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) لِأَنَّهُ إِنَّمَا ينذر بالعقاب والحساب في الآخرة. أَيْ مَا تَأْكُلُ مِنْ أَجْسَادِهِمْ فَلَا يَضِلُّ عنا شي حَتَّى تَتَعَذَّرَ عَلَيْنَا الْإِعَادَةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: (قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) (?) وَفِي الصَّحِيحِ: (كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يركب) وقد تقدم. وثبت أن لأنبياء وَالْأَوْلِيَاءَ وَالشُّهَدَاءَ لَا تَأْكُلُ الْأَرْضُ أَجْسَادَهُمْ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَهُمْ. وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ (التَّذْكِرَةِ) وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: النَّقْصُ هُنَا الْمَوْتُ يَقُولُ قَدْ عَلِمْنَا مِنْهُمْ مَنْ يَمُوتُ وَمَنْ يَبْقَى، لِأَنَّ مَنْ مَاتَ دُفِنَ فَكَأَنَّ الْأَرْضَ تَنْقُصُ مِنَ النَّاسِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ مَنْ يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) أَيْ بِعِدَّتِهِمْ وَأَسْمَائِهِمْ فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وَقِيلَ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ أَيْ مَحْفُوظٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ أَوْ مَحْفُوظٌ فِيهِ كُلُّ شي. وَقِيلَ: الْكِتَابُ عِبَارَةٌ عَنِ الْعِلْمِ وَالْإِحْصَاءِ، كَمَا تَقُولُ: كَتَبْتُ عَلَيْكَ هَذَا أَيْ حَفِظْتُهُ، وَهَذَا تَرْكُ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَقِيلَ: أَيْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ لِأَعْمَالِ بَنِي آدَمَ لِنُحَاسِبَهُمْ عليها. قوله تعالى: (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ) أَيِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: بِالْحَقِّ الْقُرْآنُ. وَقِيلَ: الْإِسْلَامُ. وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ)