فَلَيْسُوا لَهُ بِأَهْلٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" وَلِهَذَا خَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحُسَيْنُ (?) ابن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَخَرَجَ خِيَارُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَعُلَمَاؤُهُمْ عَلَى الْحَجَّاجِ، وَأَخْرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَامُوا عَلَيْهِمْ، فَكَانَتِ الْحَرَّةُ الَّتِي أَوْقَعَهَا بِهِمْ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ (?). وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى طَاعَةِ الْإِمَامِ الْجَائِرِ أَوْلَى مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ فِي مُنَازَعَتِهِ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِ اسْتِبْدَالَ الْأَمْنِ بِالْخَوْفِ، وَإِرَاقَةَ الدِّمَاءِ، وَانْطِلَاقَ أَيْدِي السُّفَهَاءِ، وَشَنَّ الْغَارَاتِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ. وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْخَوَارِجِ، فَاعْلَمْهُ. الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ: وَكُلُّ مَنْ كَانَ ظَالِمًا لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَلَا خَلِيفَةً وَلَا حَاكِمًا وَلَا مُفْتِيًا، وَلَا إِمَامَ صَلَاةٍ، وَلَا يُقْبَلُ عَنْهُ مَا يَرْوِيهِ عَنْ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْأَحْكَامِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُعْزَلُ بِفِسْقِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ. وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِهِ مُوَافِقًا لِلصَّوَابِ مَاضٍ غَيْرَ مَنْقُوضٍ. وَقَدْ نَصَّ مَالِكٌ عَلَى هَذَا فِي الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ أَنَّ أَحْكَامَهُمْ لَا تُنْقَضُ إِذَا أَصَابُوا بِهَا وَجْهًا مِنَ الِاجْتِهَادِ، وَلَمْ يَخْرِقُوا الْإِجْمَاعَ، أَوْ يُخَالِفُوا النُّصُوصَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَوَارِجَ قَدْ خَرَجُوا فِي أَيَّامِهِمْ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْأَئِمَّةَ تَتَبَّعُوا أَحْكَامَهُمْ، وَلَا نَقَضُوا شَيْئًا مِنْهَا، وَلَا أَعَادُوا أَخْذَ الزَّكَاةِ وَلَا إِقَامَةَ الْحُدُودِ الَّتِي أَخَذُوا وَأَقَامُوا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا أَصَابُوا وَجْهَ الِاجْتِهَادِ لَمْ يُتَعَرَّضْ لِأَحْكَامِهِمْ. الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ: وَأَمَّا أَخْذُ الْأَرْزَاقِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الظَّلَمَةِ فَلِذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: إِنْ كَانَ جَمِيعَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مَأْخُوذًا عَلَى مُوجَبِ الشَّرِيعَةِ فَجَائِزٌ أَخْذُهُ، وَقَدْ أَخَذَتِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ مِنْ يَدِ الْحَجَّاجِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا حَلَالًا وَظُلْمًا كَمَا في أيدي