زُلْفى " وَفِي حَرْفِ أُبَيٍّ" وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُكُمْ إِلَّا لِتُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى" ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. قَالَ: وَالْحِكَايَةُ فِي هَذَا بَيِّنَةٌ." إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ" أَيْ بَيْنَ أَهْلِ الْأَدْيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجَازِي كُلًّا بِمَا يَسْتَحِقُّ." إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ" أَيْ مَنْ سَبَقَ لَهُ الْقَضَاءُ بِالْكُفْرِ لَمْ يَهْتَدِ، أَيْ لِلدِّينِ الَّذِي ارْتَضَاهُ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً" وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ «1». قَوْلُهُ تَعَالَى:" لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشاءُ" أَيْ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ بِهَذَا مَا جَعَلَهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ." سُبْحانَهُ" أَيْ تَنْزِيهًا لَهُ عَنِ الْوَلَدِ" هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ".
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ" أَيْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى الْكَمَالِ الْمُسْتَغْنِي عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، وَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَحَقُّهُ أَنْ يُفْرَدَ بِالْعِبَادَةِ لَا أَنَّهُ يُشْرَكُ بِهِ. وَنَبَّهَ بِهَذَا عَلَى أَنْ يَتَعَبَّدَ الْعِبَادَ بِمَا شَاءَ وَقَدْ فَعَلَ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ" قَالَ الضَّحَّاكُ: أَيْ يُلْقِي هَذَا عَلَى هَذَا وَهَذَا عَلَى هَذَا. وَهَذَا عَلَى مَعْنَى التَّكْوِيرِ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ طَرْحُ الشَّيْءِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، يُقَالُ كَوَّرَ الْمَتَاعَ أَيْ أَلْقَى بَعْضَهُ على بعض،