الْقِيَامَةِ." أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ" كَانُوا يَقُولُونَ مِنْ فَرْطِ تَكْذِيبِهِمْ مَتَى هَذَا الْعَذَابُ، أَيْ لَا تَسْتَعْجِلُوهُ فَإِنَّهُ وَاقِعٌ بِكُمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ" أَيِ الْعَذَابُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَكَانَ عَذَابُ هَؤُلَاءِ بِالْقَتْلِ. وَمَعْنَى" بِساحَتِهِمْ" أَيْ بِدَارِهِمْ، عَنِ السُّدِّيِّ وَغَيْرِهِ. وَالسَّاحَةُ وَالسَّحْسَةُ فِي اللُّغَةِ فِنَاءُ الدَّارِ الْوَاسِعُ. الْفَرَّاءُ:" نَزَلَ بِساحَتِهِمْ" وَنَزَلَ بِهِمْ سَوَاءٌ." فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ" أَيْ بِئْسَ صَبَاحُ الَّذِينَ أُنْذِرُوا بِالْعَذَابِ. وَفِيهِ إِضْمَارٌ أَيْ فَسَاءَ الصَّبَاحُ صَبَاحُهُمْ. وَخُصَّ الصَّبَاحُ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّ الْعَذَابَ كَانَ يَأْتِيهِمْ فِيهِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، وَكَانُوا خَارِجِينَ إِلَى مَزَارِعِهِمْ وَمَعَهُمُ الْمَسَاحِي، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ «1»، وَرَجَعُوا إِلَى حِصْنِهِمْ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ" وَهُوَ يُبَيِّنُ مَعْنَى:" فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ" يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ." وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ" كُرِّرَ تَأْكِيدًا وَكَذَا" وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ" تأكيدا أيضا.
سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (182)
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" سُبْحانَ رَبِّكَ" نَزَّهَ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ عَمَّا أَضَافَ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ." رَبِّ الْعِزَّةِ" عَلَى الْبَدَلِ. وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى الْمَدْحِ، وَالرَّفْعُ بِمَعْنَى هُوَ رَبِّ الْعِزَّةِ." عَمَّا يَصِفُونَ" أَيْ مِنَ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ. وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَعْنَى" سُبْحَانَ اللَّهِ" فَقَالَ:" هُوَ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنْ كُلِّ سُوءٍ" وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ" «2» مُسْتَوْفًى. الثَّانِيَةُ- سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونَ عَنْ مَعْنَى" رَبِّ الْعِزَّةِ" لِمَ جَازَ ذَلِكَ وَالْعِزَّةُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَلَا يُقَالُ رَبُّ الْقُدْرَةِ وَنَحْوَهَا من صفات ذاته جل وعز؟ فال: العزة تكون