عَلَى أَلِفِ الْوَصْلِ، فَحُذِفَتْ أَلِفُ الْوَصْلِ وَبَقِيَتْ ألف الاستفهام مفتوح مَقْطُوعَةً عَلَى حَالِهَا مِثْلَ:" أَطَّلَعَ الْغَيْبَ" عَلَى مَا تَقَدَّمَ «1». وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَحَمْزَةُ" اصْطَفَى" بِوَصْلِ الْأَلِفِ عَلَى الْخَبَرِ بِغَيْرِ اسْتِفْهَامٍ. وَإِذَا ابْتَدَأَ كَسَرَ الْهَمْزَةَ. وَزَعَمَ أَبُو حَاتِمٍ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهَا، لِأَنَّ بَعْدَهَا" مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" فَالْكَلَامُ جَارٍ عَلَى التَّوْبِيخِ مِنْ جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ تَبْيِينًا وتفسير لِمَا قَالُوهُ مِنَ الْكَذِبِ وَيَكُونُ" مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" مُنْقَطِعًا مِمَّا قَبْلَهُ. وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ قَدْ حَكَى النَّحْوِيُّونَ- مِنْهُمُ الْفَرَّاءُ- أَنَّ التَّوْبِيخَ يَكُونُ بِاسْتِفْهَامٍ وَبِغَيْرِ اسْتِفْهَامٍ كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ:" أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا" [الأحقاف: 20]. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ، أَيْ وَيَقُولُونَ" أَصْطَفَى الْبَناتِ". أَوْ يَكُونُ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ:" وَلَدَ اللَّهُ" لأن ولادة البنات واتخاذهن اصطفاه لَهُنَّ، فَأَبْدَلَ مِثَالَ الْمَاضِي مِنْ مِثَالِ الْمَاضِي فَلَا يُوقَفُ عَلَى هَذَا عَلَى" لَكاذِبُونَ"." أَفَلَا تَذَكَّرُونَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ." أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ" حُجَّةٌ وَبُرْهَانٌ." فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ"
أَيْ بِحُجَجِكُمْ" إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ"
في قولكم.
وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً" أكثر أهل التفسير أن الْجِنَّةِ ها هنا الْمَلَائِكَةُ. رَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالُوا- يَعْنِي كُفَّارَ قُرَيْشٍ- الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، جَلَّ وَتَعَالَى. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَمَنْ أُمَّهَاتُهُنَّ. قَالُوا: مُخَدَّرَاتُ الْجِنِّ. وَقَالَ أَهْلُ الِاشْتِقَاقِ: قِيلَ لَهُمْ جِنَّةٌ لِأَنَّهُمْ لَا يُرَوْنَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّهُمْ بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنَّةُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَى إِسْرَائِيلُ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: إِنَّمَا قِيلَ لَهُمْ جِنَّةٌ لِأَنَّهُمْ خُزَّانٌ عَلَى الْجِنَانِ وَالْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ جنة." نَسَباً" مصاهرة. فال قَتَادَةُ وَالْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: قَالَتِ الْيَهُودُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ إن الله صاهر الجن فكانت