(بِكَسْرِ الضَّادِ)، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي" فَهَذِهِ لُغَةُ نَجْدٍ وَهِيَ الْفَصِيحَةُ. وَأَهْلُ الْعَالِيَةِ يَقُولُونَ" ضَلِلْتُ" بِالْكَسْرِ" أَضِلُّ" «1»، أَيْ إِثْمُ ضَلَالَتِي عَلَى نَفْسِي. (وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْبَيَانِ (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) أَيْ سَمِيعٌ مِمَّنْ دَعَاهُ قَرِيبُ الْإِجَابَةِ. وَقِيلَ وَجْهُ النَّظْمِ: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ وَيُبَيِّنُ الْحُجَّةَ، وَضَلَالُ مَنْ ضَلَّ لَا يُبْطِلُ الْحُجَّةَ، وَلَوْ ضَلَلْتُ لَأَضْرَرْتُ بِنَفْسِي، لَا أَنَّهُ يُبْطِلُ حُجَّةَ اللَّهِ، وَإِذَا اهْتَدَيْتُ فَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ إِذْ ثبتني على الحجة إنه سميع قريب.
وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (51)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) ذَكَرَ أَحْوَالَ الْكُفَّارِ فِي وَقْتٍ مَا يُضْطَرُّونَ فِيهِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ. وَالْمَعْنَى: لَوْ تَرَى إِذَا فَزِعُوا فِي الدُّنْيَا عِنْدَ نُزُولِ الْمَوْتِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ، رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. الْحَسَنُ: هُوَ فَزَعُهُمْ فِي الْقُبُورِ مِنَ الصَّيْحَةِ. وَعَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ الْفَزَعَ إِنَّمَا هُوَ إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ، وَقَالَهُ قَتَادَةُ. وَقَالَ ابْنُ مُغَفَّلٍ: إِذَا عَايَنُوا عِقَابَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. السُّدِّيُّ: هُوَ فَزَعُهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ بِسُيُوفِ الْمَلَائِكَةِ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا فِرَارًا وَلَا رُجُوعًا إِلَى التَّوْبَةِ. سَعِيدُ بْنُ جبير: هو الجيش الذي يخسف بهم فِي الْبَيْدَاءِ فَيَبْقَى مِنْهُمْ رَجُلٌ فَيُخْبِرُ النَّاسَ بِمَا لَقِيَ أَصْحَابُهُ فَيَفْزَعُونَ، فَهَذَا هُوَ فَزَعُهُمْ." فَلا فَوْتَ" فَلَا نَجَاةَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. مُجَاهِدٌ: فَلَا مَهْرَبَ. (وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) أَيْ مِنَ الْقُبُورِ. وَقِيلَ: مِنْ حَيْثُ كَانُوا، فَهُمْ مِنَ اللَّهِ قَرِيبٌ لَا يَعْزُبُونَ عَنْهُ وَلَا يَفُوتُونَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي ثَمَانِينَ أَلْفًا يَغْزُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ الْكَعْبَةَ ليخربوها، وكما يَدْخُلُونَ الْبَيْدَاءَ يُخْسَفُ بِهِمْ، فَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ. قُلْتُ: وَفِي هَذَا الْمَعْنَى خَبَرٌ مَرْفُوعٌ عَنْ حُذَيْفَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَذَكَرَ فِتْنَةً تَكُونُ بَيْنَ أَهْلِ المشرق والمغرب: (فبيناهم