فِي سَلَّمْتُ أَنَّهُ بِمَعْنَى دَفَعْتُ، يُقَالُ سَلَّمْتُ فِي الْحِنْطَةِ، وَقَدْ يُقَالُ أَسْلَمْتُ. الزَّمَخْشَرِيُّ: قَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ:" وَمَنْ يُسَلِّمْ" بِالتَّشْدِيدِ، يُقَالُ: أَسْلِمْ أَمْرَكَ وَسَلِّمْ أَمْرَكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ قُلْتَ: ماله عُدِّيَ بِإِلَى، وَقَدْ عُدِّيَ بِاللَّامِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:" بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ «1» "؟ [البقرة: 112] قُلْتُ: مَعْنَاهُ مَعَ اللَّامِ أَنَّهُ جَعَلَ وَجْهَهُ وَهُوَ ذَاتُهُ وَنَفْسُهُ سَالِمًا لِلَّهِ، أَيْ خَالِصًا لَهُ. وَمَعْنَاهُ مَعَ إِلَى رَاجِعٍ إِلَى أَنَّهُ سَلَّمَ إِلَيْهِ نَفْسَهُ كَمَا يُسَلَّمُ الْمَتَاعُ إِلَى الرَّجُلِ إِذَا دُفِعَ إِلَيْهِ. وَالْمُرَادُ التَّوَكُّلُ عَلَيْهِ وَالتَّفْوِيضُ إِلَيْهِ. (وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) أَيْ مصيرها.
وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (23) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (24)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أَيْ نُجَازِيهِمْ. (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ). (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا) أَيْ نُبْقِيهِمْ فِي الدُّنْيَا مُدَّةً قَلِيلَةً يَتَمَتَّعُونَ بِهَا. (ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ) أَيْ نُلْجِئُهُمْ وَنَسُوقُهُمْ. (إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) وَهُوَ عَذَابُ جَهَنَّمَ. وَلَفَظُ" مَنْ" يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، فَلِهَذَا قَالَ:" كُفْرُهُ" ثُمَّ قَالَ:" مَرْجِعُهُمْ" وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَعْنَى.
[سورة لقمان (31): الآيات 25 الى 26]
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) أي هم يعترفون بأن الله خالقهن فَلِمَ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ. (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) أَيْ عَلَى مَا هَدَانَا لَهُ مِنْ دِينِهِ، وَلَيْسَ الْحَمْدُ لِغَيْرِهِ. (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) أَيْ لا ينظرون ولا يتدبرون.