حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فِي مَسْجِدِ مِنًى قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْأَرْضَ وَخَلَقَ مَا فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ لَمْ تَكُ فِي الْأَرْضِ شَجَرَةٌ يَأْتِيهَا بَنُو آدَمَ إِلَّا أَصَابُوا مِنْهَا مَنْفَعَةً وَكَانَ لَهُمْ مِنْهَا مَنْفَعَةٌ، فَلَمْ تَزَلِ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ كَذَلِكَ حَتَّى تَكَلَّمَ فَجَرَةُ بَنِي آدَمَ تِلْكَ الْكَلِمَةَ الْعَظِيمَةَ قَوْلُهُمْ" اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً" فَلَمَّا قَالُوهَا اقْشَعَرَّتِ الْأَرْضُ وَشَاكَ الشَّجَرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اقْشَعَرَّتِ الْجِبَالُ وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَشْجَارِ وَالْبِحَارِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْحِيتَانِ فَصَارَ مِنْ ذَلِكَ الشَّوْكُ فِي الْحِيتَانِ وَفِي الْأَشْجَارِ الشَّوْكُ. وَقَالَ ابْنُ عباس أيضا وكعب: فزعت السموات وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ وَكَادَتْ أَنْ تَزُولَ وَغَضِبَتِ الْمَلَائِكَةُ فَاسْتَعَرَتْ جَهَنَّمُ وَشَاكَ الشَّجَرُ وَاكْفَهَرَّتِ الْأَرْضُ وَجَدَبَتْ حِينَ قَالُوا: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: لَقَدْ كَادَ أَعْدَاءُ اللَّهِ أَنْ يُقِيمُوا عَلَيْنَا السَّاعَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى" تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا. أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً 90" قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَصَدَقَ فَإِنَّهُ قَوْلٌ عَظِيمٌ سَبَقَ بِهِ الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ وَلَوْلَا أَنَّ الْبَارِيَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يَضَعُهُ كُفْرُ الْكَافِرِ وَلَا يَرْفَعُهُ إِيمَانُ الْمُؤْمِنِ وَلَا يَزِيدُ هَذَا فِي مُلْكِهِ كَمَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ ملكه لما جرى شي مِنْ هَذَا عَلَى الْأَلْسِنَةِ وَلَكِنَّهُ الْقُدُّوسُ الْحَكِيمُ الْحَلِيمُ فَلَمْ يُبَالِ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا يَقُولُ الْمُبْطِلُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) نَفَى عَنْ نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْوَلَدُ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَقْتَضِي الْجِنْسِيَّةَ وَالْحُدُوثَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي" الْبَقَرَةِ" (?) أَيْ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ وَلَا يُوصَفُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وَلَدٌ إِلَّا مِنْ وَالِدٍ يَكُونُ لَهُ وَالِدٌ وَأَصْلٌ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ وَيَتَقَدَّسُ. قَالَ: (?)
فِي رَأْسِ خَلْقَاءَ مِنْ عَنْقَاءَ مُشْرِفَةٍ ... مَا يَنْبَغِي دُونَهَا سَهْلٌ ولا جبل