تفسير القرطبي (صفحة 418)

بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي أَنَّهُ كَانَ دُونَ تَكَلُّفٍ. رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَالثَّلْجِ فَيَأْخُذُ الرَّجُلُ مَا يَكْفِيهِ لِيَوْمِهِ فَإِنِ ادَّخَرَ مِنْهُ شَيْئًا فَسَدَ عَلَيْهِ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَدَّخِرُونَ لِيَوْمِ السَّبْتِ فَلَا يَفْسُدُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمُ عِبَادَةٍ وَمَا كَانَ ينزل عليهم يوم السبت شي. الثَّالِثَةُ- لَمَّا نَصَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى أَنَّ مَاءَ الْكَمْأَةِ شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالطِّبِّ: إِمَّا لِتَبْرِيدِ الْعَيْنِ مِنْ بَعْضِ مَا يَكُونُ فِيهَا مِنَ الْحَرَارَةِ فَتُسْتَعْمَلُ بِنَفْسِهَا مُفْرَدَةً وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَمُرَكَّبَةٌ مَعَ غَيْرِهَا. وَذَهَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا بَحْتًا فِي جَمِيعِ مَرَضِ الْعَيْنِ. وَهَذَا كَمَا اسْتَعْمَلَ أَبُو وَجْزَةَ الْعَسَلَ فِي جَمِيعِ الْأَمْرَاضِ كُلِّهَا حَتَّى فِي الْكُحْلِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُورَةِ" النَّحْلِ" (?) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْكَمْءُ وَاحِدٌ وَكَمْآنُ اثْنَانِ وَأَكْمُؤٌ ثَلَاثَةٌ فَإِذَا زَادُوا قَالُوا- كَمْأَةٌ- بِالتَّاءِ- عَلَى عَكْسِ شَجَرَةٍ وَشَجَرٍ. وَالْمَنُّ اسْمُ جِنْسٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَالَهُ الْأَخْفَشُ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالسَّلْوى) اخْتُلِفَ فِي السَّلْوَى فَقِيلَ هُوَ السُّمَانَى بِعَيْنِهِ قَالَهُ الضَّحَّاكُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: السَّلْوَى طير بإجماع المفسرين وقد غلط الهذلي (?) فَقَالَ:

وَقَاسَمَهَا بِاللَّهِ جَهْدًا لَأَنْتُمْ ... أَلَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذَا مَا نَشُورُهَا

ظَنَّ السَّلْوَى الْعَسَلَ. قُلْتُ: مَا ادَّعَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ لَا يَصِحُّ وَقَدْ قَالَ الْمُؤَرِّجُ (?) أَحَدُ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ وَالتَّفْسِيرِ: إِنَّهُ الْعَسَلُ وَاسْتَدَلَّ بِبَيْتِ الْهُذَلِيِّ وَذَكَرَ أَنَّهُ كَذَلِكَ بِلُغَةِ كِنَانَةَ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يُسْلَى بِهِ وَمِنْهُ عَيْنُ السُّلْوَانِ (?)، وَأَنْشَدَ:

لَوْ أَشْرَبُ السُّلْوَانَ مَا سَلَيْتُ ... مَا بِي غِنًى عَنْكِ وإن غنيت (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015