تفسير القرطبي (صفحة 3793)

عَفَتْ ذَاتُ الْأَصَابِعِ فَالْجِوَاءُ ... إِلَى عَذْرَاءَ مَنْزِلُهَا خَلَاءُ (?)

دِيَارٌ مِنْ بَنِي الْحَسْحَاسِ قَفْرٌ ... تُعَفِّيهَا الرَّوَامِسُ وَالسَّمَاءُ (?)

وَكَانَتْ لَا يَزَالُ بِهَا أَنِيسٌ ... خِلَالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ

فَالنَّعَمُ هُنَا الْإِبِلُ خَاصَّةً. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالنَّعَمُ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ وَهِيَ الْمَالُ الرَّاعِيَةُ، وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ هَذَا الِاسْمُ عَلَى الْإِبِلِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ ذَكَرٌ لَا يُؤَنَّثُ، يَقُولُونَ: هَذَا نَعَمٌ وَارِدٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى نُعْمَانِ مِثْلَ حَمَلٍ وَحُمْلَانٍ. وَالْأَنْعَامُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" مِمَّا فِي بُطُونِهِ (?) ". وَفِي مَوْضِعٍ" مِمَّا فِي بُطُونِها (?) ". وَانْتَصَبَ الْأَنْعَامُ عَطْفًا على الإنسان، أو بفعل مقتدر، وهو أوجه. الثانية- قوله تعالى: (دِفْءٌ) الدِّفْءُ: السَّخَانَةُ، وَهُوَ مَا اسْتُدْفِئَ بِهِ مِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا، مَلَابِسُ وَلُحُفٌ وَقُطُفٌ (?). وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: دِفْؤُهَا نَسْلُهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ: الدِّفْءُ نِتَاجُ الْإِبِلِ وَأَلْبَانُهَا وَمَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ". وَفِي الْحَدِيثِ" لَنَا مِنْ دِفْئِهِمْ مَا سَلَّمُوا بِالْمِيثَاقِ". وَالدِّفْءُ أَيْضًا: السُّخُونَةُ، تَقُولُ مِنْهُ: دَفِئَ الرَّجُلُ دَفَاءَةً مِثْلَ كَرِهَ كَرَاهَةً. وَكَذَلِكَ دَفِئَ دَفَأً مِثْلُ ظَمِئَ ظَمَأً. وَالِاسْمُ الدِّفْءُ (بِالْكَسْرِ) وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُدْفِئُكَ، وَالْجَمْعُ الْأَدْفَاءُ. تَقُولُ: مَا عَلَيْهِ دِفْءٌ، لِأَنَّهُ اسْمٌ. وَلَا تَقُولُ: مَا عَلَيْكَ دَفَاءَةٌ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ. وَتَقُولُ: اقْعُدْ فِي دِفْءِ هَذَا الْحَائِطِ أَيْ كِنِّهِ. وَرَجُلٌ دَفِئٌ عَلَى فَعِلٍ إِذَا لَبِسَ مَا يُدْفِئُهُ. وَكَذَلِكَ رَجُلٌ دَفْآنُ وَامْرَأَةٌ دَفْأَى. وَقَدْ أَدْفَأَهُ الثَّوْبُ وَتَدَفَّأَ هُوَ بِالثَّوْبِ وَاسْتَدْفَأَ بِهِ، وَأَدَّفَأَ بِهِ وَهُوَ افْتَعَلَ، أي ما لبس ما يدفئه. ودفؤت ليلتنا، ويوم دفئ عَلَى فَعِيلٍ وَلَيْلَةٌ دَفِيئَةٌ، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ وَالْبَيْتُ. وَالْمُدْفِئَةُ الْإِبِلُ الْكَثِيرَةُ، لِأَنَّ بَعْضَهَا يُدْفِئُ بَعْضًا بأنفاسها، وقد يشدد. والمدفئة الْإِبِلُ الْكَثِيرَةُ الْأَوْبَارُ وَالشُّحُومُ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ. وَأَنْشَدَ الشَّمَّاخُ:

وَكَيْفَ يَضِيعُ صَاحِبُ مُدْفَآتٍ ... عَلَى أَثْبَاجِهِنَّ من الصقيع (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015