تفسير القرطبي (صفحة 2689)

فِي مِثْلِهِ فِي" الْبَقَرَةِ" وَغَيْرِهَا (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ) قِيلَ: هُوَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. بَيَّنَ بِهَذَا أَنَّهُمْ يُمْهَلُونَ فِي الدُّنْيَا فَإِذَا ظَهَرَتِ السَّاعَةُ فَلَا إِمْهَالَ. وَقِيلَ: إِتْيَانُ اللَّهِ تَعَالَى مَجِيئُهُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا»

صَفًّا" وَلَيْسَ مَجِيئُهُ تَعَالَى حَرَكَةً وَلَا انْتِقَالًا وَلَا زَوَالًا، لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ الْجَائِي جِسْمًا أَوْ جَوْهَرًا. وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ أَهْلِ السنة أنهم يقولون: يجئ وَيَنْزِلُ وَيَأْتِي. وَلَا يُكَيِّفُونَ، لِأَنَّهُ" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (?) " وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الْأَرْضِ (. وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:) إن بالمغرب باب مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ سَنَةً لَا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ (. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالدَّارِمِيُّ (?) وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ سُفْيَانُ (?): قِبَلَ الشَّامِ، خَلَقَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ.) مَفْتُوحًا) يَعْنِي لِلتَّوْبَةِ لَا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْهُ. قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قُلْتُ: وَكَذَّبَ بِهَذَا كُلِّهِ الْخَوَارِجُ (?) وَالْمُعْتَزِلَةُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ (?): أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ فَلَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ، وَإِنَّ آيَةَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَمَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَجَمَ وَأَنَّا قَدْ رَجَمْنَا بَعْدَهُمَا، وَسَيَكُونُ قَوْمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ، وَيُكَذِّبُونَ بِالدَّجَّالِ، وَيُكَذِّبُونَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَيُكَذِّبُونَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ، وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ، وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ من النار بعد ما امتحشوا (?). ذكر أَبُو عُمَرَ. وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015