تفسير القرطبي (صفحة 2688)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْ تَقُولُوا) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. قَالَ الْكُوفِيُّونَ. لِئَلَّا تَقُولُوا. وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: أَنْزَلْنَاهُ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَقُولُوا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ: الْمَعْنَى فَاتَّقُوا أَنْ تَقُولُوا يَا أَهْلَ مَكَّةَ. (إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ) أَيِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ. (عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا) أَيْ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْنَا كِتَابٌ. (وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ) أَيْ عَنْ تِلَاوَةِ كُتُبِهِمْ وَعَنْ لُغَاتِهِمْ. وَلَمْ يَقُلْ عَنْ دِرَاسَتِهِمَا، لِأَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ جماعة. (أَوْ تَقُولُوا) عُطِفَ عَلَى" أَنْ تَقُولُوا". (فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أَيْ قَدْ زَالَ الْعُذْرُ بِمَجِيءِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْبَيِّنَةُ وَالْبَيَانُ وَاحِدٌ، وَالْمُرَادُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمَّاهُ سُبْحَانَهُ بَيِّنَةً. (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ) أَيْ لِمَنِ أتبعه. ثم قال: (فَمَنْ أَظْلَمُ) أَيْ فَإِنْ كَذَّبْتُمْ فَلَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِنْكُمْ. (صَدَفَ) أعرض، يصدفون (يَصْدِفُونَ) يعرضون. وقد تقدم «1».

[سورة الأنعام (6): آية 158]

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَلْ يَنْظُرُونَ) مَعْنَاهُ أَقَمْتُ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ وَأَنْزَلْتُ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ فَلَمْ يُؤْمِنُوا، فَمَاذَا يَنْتَظِرُونَ. (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ لِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ. (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: أَمَرَ رَبُّكَ فِيهِمْ بِالْقَتْلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ يذكر المضاف إليه والمراد به المضاف، كقول تعالى:" وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ" «2» يَعْنِي أَهْلَ الْقَرْيَةِ. وَقَوْلُهُ:" وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ «3» " أَيْ حُبُّ الْعِجْلِ. كَذَلِكَ هُنَا: يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ، أَيْ عُقُوبَةُ رَبِّكَ وَعَذَابُ ربك. ويقال: هذ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله. وقد تقدم القول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015