وَهِيَ الَّتِي ضَرَبَ بِهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَلَى بَنِيهِ إِذْ كَانَ نَذَرَ نَحْرَ أَحَدِهِمْ إِذَا كَمَلُوا عَشَرَةً، الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ. وَهَذِهِ السَّبْعَةُ أَيْضًا كَانَتْ عِنْدَ كُلِّ كَاهِنٍ مِنْ كُهَّانِ الْعَرَبِ وَحُكَّامِهِمْ، عَلَى نَحْوِ مَا كَانَتْ فِي الْكَعْبَةِ عِنْدَ هُبَلَ. وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ: هو قداح المسير وَهِيَ عَشَرَةٌ، سَبْعَةٌ مِنْهَا فِيهَا حُظُوظٌ، وَثَلَاثَةٌ أَغْفَالٌ، وَكَانُوا يَضْرِبُونَ بِهَا مُقَامَرَةً لَهْوًا وَلَعِبًا، وَكَانَ عُقَلَاؤُهُمْ يَقْصِدُونَ بِهَا إِطْعَامَ الْمَسَاكِينِ وَالْمُعْدَمِ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ وَكَلَبِ الْبَرْدِ وَتَعَذُّرِ التَّحَرُّفِ (?)
. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْأَزْلَامُ هِيَ كِعَابُ (?)
فَارِسٍ وَالرُّومِ الَّتِي يَتَقَامَرُونَ بِهَا. وَقَالَ سُفْيَانُ وَوَكِيعٌ: هِيَ الشِّطْرَنْجُ، فَالِاسْتِقْسَامُ بِهَذَا كُلِّهِ هُوَ طَلَبُ الْقَسْمِ وَالنَّصِيبِ كَمَا بَيَّنَّا، وَهُوَ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَهُوَ حَرَامٌ، وَكُلُّ مُقَامَرَةٍ بِحَمَامٍ أَوْ بِنَرْدٍ أَوْ شِطْرَنْجٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْعَابِ فَهُوَ اسْتِقْسَامٌ بِمَا هُوَ فِي مَعْنَى الْأَزْلَامِ حَرَامٌ كُلُّهُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التَّكَهُّنِ وَالتَّعَرُّضِ لِدَعْوَى عِلْمِ الْغَيْبِ. قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: وَلِهَذَا نَهَى أَصْحَابُنَا عَنِ الْأُمُورِ الَّتِي يَفْعَلُهَا الْمُنَجِّمُونَ عَلَى الطُّرُقَاتِ مِنَ السِّهَامِ الَّتِي مَعَهُمْ، وَرِقَاعُ الْفَأْلِ فِي أَشْبَاهِ ذَلِكَ. وَقَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيُّ: وَإِنَّمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ الْغَيْبِ، فَإِنَّهُ لَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا يُصِيبُهَا غَدًا، فَلَيْسَ لِلْأَزْلَامِ فِي تَعْرِيفِ الْمُغَيَّبَاتِ أَثَرٌ، فَاسْتَنْبَطَ بَعْضُ الْجَاهِلِينَ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي الْإِقْرَاعِ بَيْنَ الْمَمَالِيكِ فِي الْعِتْقِ، وَلَمْ يَعْلَمْ هَذَا الْجَاهِلُ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ بُنِيَ عَلَى الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَلَيْسَ مِمَّا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِالنَّهْيِ عَنِ الِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ، فَإِنَّ الْعِتْقَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الشَّرْعُ خُرُوجَ الْقُرْعَةِ عَلَمًا عَلَى إِثْبَاتِ حُكْمِ الْعِتْقِ قَطْعًا لِلْخُصُومَةِ، أَوْ لِمَصْلَحَةٍ يَرَاهَا، وَلَا يُسَاوِي ذَلِكَ قَوْلَ الْقَائِلِ: إِذَا فَعَلْتَ كَذَا أَوْ قُلْتَ كَذَا فَذَلِكَ يَدُلُّكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ خُرُوجُ الْقِدَاحِ عَلَمًا عَلَى شي يَتَجَدَّدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ خُرُوجُ الْقُرْعَةِ عَلَمًا عَلَى الْعِتْقِ قَطْعًا، فَظَهَرَ افْتِرَاقُ الْبَابَيْنِ. التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ- وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ طَلَبُ الْفَأْلِ، وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُعْجِبُهُ أَنْ يَسْمَعَ يَا رَاشِدُ يَا نَجِيحُ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يعجبه الفأل لأنه