تفسير القرطبي (صفحة 1765)

وَقَالَ بِتَرْكِهِ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. وَالْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ حَدِيثُ عُبَادَةَ الْمَذْكُورُ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدِيثُ الْعَسِيفِ (?) وَفِيهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرُدَّ عَلَيْكَ) وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا. أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ. احْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ نَفْيَهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْأَمَةِ، ذَكَرَ فِيهِ الْجَلْدَ دُونَ النَّفْيِ. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: غَرَّبَ عُمَرُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ فِي الْخَمْرِ إِلَى خَيْبَرَ فَلَحِقَ بِهِرَقْلَ فَتَنَصَّرَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا أُغَرِّبُ مُسْلِمًا بَعْدَ هَذَا. قَالُوا: وَلَوْ كَانَ التَّغْرِيبُ حَدًّا لِلَّهِ تَعَالَى مَا تَرَكَهُ عُمَرُ بَعْدُ. ثُمَّ إِنَّ النَّصَّ الَّذِي فِي الْكِتَابِ إِنَّمَا هُوَ الْجَلْدُ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ، فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ نَسْخُ الْقَاطِعِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَالْجَوَابُ: أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْإِمَاءِ لَا فِي الْأَحْرَارِ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ ضَرَبَ أَمَتَهُ فِي الزِّنَا وَنَفَاهَا. وأما حديث عمرو قوله: لَا أُغَرِّبُ بَعْدَهُ مُسْلِمًا، فَيَعْنِي فِي الْخَمْرِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- لِمَا رَوَاهُ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ، وَأَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ محمد بن العلا الهمداني عن عبد الله ابن إِدْرِيسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ»

نَافِعٍ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَلَمْ يُسْنِدْهُ عَنْهُ أَحَدٌ مِنَ الثِّقَاتِ غَيْرَ أَبِي كُرَيْبٍ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّفْيُ فَلَا كَلَامَ لِأَحَدٍ مَعَهُ، وَمَنْ خَالَفَتْهُ السُّنَّةُ خَاصَمْتُهُ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمُ: الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ، فَلَيْسَ بِمُسَلَّمٍ، بَلْ زِيَادَةُ حُكْمٍ آخَرَ مَعَ الْأَصْلِ. ثُمَّ هُوَ قَدْ زَادَ الْوُضُوءَ بِالنَّبِيذِ بِخَبَرٍ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَاءِ، وَاشْتَرَطَ الْفَقْرَ فِي الْقُرْبَى (?)، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي الْبَقَرَةِ (?) وَيَأْتِي. السَّادِسَةُ- الْقَائِلُونَ بِالتَّغْرِيبِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي تَغْرِيبِ الذَّكَرِ الْحُرِّ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَغْرِيبِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، فَمِمَّنْ رَأَى التَّغْرِيبَ فِيهِمَا ابْنُ عُمَرَ جَلَدَ مَمْلُوكَةً لَهُ في الزنا ونفاها إلى فدك (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015