ثم يقول تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} [الأنعام:2].
يقول الجلال السيوطي رحمه الله تعالى: (هو الذي خلقكم من طين) يعني: بخلق أبيكم آدم منه؛ لأن خلق الإنسان كان أولاً من طين، ثم بعد ذلك من سلالة من ماء مهين، كما فصله تعالى في سورة السجدة، فالمقصود بقوله: (هو الذي خلقكم من طين) أي: هو الذي خلق أباكم آدم عليه السلام من طين.
وقوله: (ثم قضى أجلاً) يعني: كتب وقدَّر لكم أجلاً تموتون عند انتهائه.
وقوله: (وأجل مسمى عنده) يعني: وأجل آخر مسمىً ومضروب عنده لبعثكم، وهو أجل البعث والنشور.
وقوله: (ثم أنتم تمترون) أي: ثم أنتم -أيها الكفار- تمترون، أي: تشكون في البعث، وذلك بعد علمكم أنه ابتدأ خلقكم، ومن قدر على الابتداء فهو على الإعادة أقدر.
يقول القاسمي: (هو الذي خلقكم من طين) استئناف مسوق لبيان بطلان كفرهم بالبعث، مع مشاهدتهم لما يوجب الإيمان به ويبين بطلان إشراكهم به تعالى، مع معاينتهم لموجبات توحيده، وهي خلق السماوات والأرض، وتخصيص خلقهم بالذكر من بين سائر دلائل صحة البعث -يعني أن القرآن الكريم هنا هو في سياق ذكر الدلائل لصحة الاعتقاد في البعث والنشور، فخص ذكر خلقنا من طين هنا دون غيره من أدلة البعث والنشور- مع أن ما ذكره من خلق السماوات والأرض من أوضحها وأظهرها.