هنا فائدة تتعلق بقربان أهل الكتاب وتشريعه عندهم: القربان معناه لغة: ما يتقرب به إلى الله تعالى وسيلة لمرضاته، وكانت ذبائح العبرانيين عجيبة جداً، وكان المستعمل لهذه الذبيحة بتعيين الله: الثيران والنعاج والمعز والحمام واليمام، وكانت الذبائح على نوعين عامين: الأول: كانت تقرب لتكفير الخطايا.
الثاني: كانت تقرب شكراً لله على نعمة وبركاته.
ثم قال صاحب كتاب (مرشد الطالبين): فالذبيحة اليومية عند أهل الكتاب كانت مشهورة جداً، كان عليهم أن يتقربوا إلى الله سبحانه وتعالى يومياً في الصباح والمساء بهذه الذبائح.
الذبيحة اليومية عندهم خروف ليس فيه عيب، يقدم كفارة للخطايا، وذلك مرتان: صباحاً ومساءً طول مدة السنة، فالتي في الصباح تقدم عن خطايا الشعب ليلاً، والتي في المساء عن خطاياهم نهاراً، وقبل فعل الذبيحة تعترف كل الشعوب بخطاياها فوق الحيوان المراد ذبحه على يد الكاهن الخادم.
ولهذا ينقل الإثم إليه بواسطة وضع وكلاء الشعب أيديهم على رأسه، ثم يذبح ويقرب وقودا، وفي غضون ذلك تسجد الجماعة في الدار وتبخر الكهنة على المذابح الذهبية، ويقدمون الطلبات لله عن الشعب، وأما في يوم السبت فكانت تتضاعف الذبيحة، ويقرب في كل دفعة خروفان.
خلاصة الكلام فيما يتعلق بهذه الآية يقول تعالى: ((تَأْكُلُهُ النَّارُ)) أي: أنه يذبح على هذه الكيفية، فبعدما يذبح تنزل نار من السماء فتأكله، وتكون معجزة وآية كما حصل في عهد موسى وهارون من نزول النار وأكلها الذبيحة، وفي عهد سليمان أيضاً كما جاء في كتبهم: (أن سليمان لما أتم الدعاء هبطت النار من السماء وأكلت الذبائح) وكان جميع بني إسرائيل يعاينون هبوط النار.