يقول الرازي: اعلم أن الفائدة في ذكر جهنم بهذا الاسم هاهنا وجوه: الأول: الاتحاد في الصورة، فالله عز وجل قال: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة:1] على وزن فُعَلة، فاتحدت الصورة بقوله تعالى: ((لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ))، كأنه تعالى يقول: إن كنت الهمزة اللمزة فوراءك الحطمة، فهذا من التشابه في الصورة.
الثاني: أن الهامز يكسر غيره ليضع قدره، فالهامز اللامز يستخدم عينه أو حاجبه أو شفته أو نحو ذلك ليضع من قدر الناس، ويكسر أقدار الناس، فيقول الله عز وجل له: وراءك الحطمة، فالحطمة تكسرك كسراً وتلقيك في حضيض جهنم، فهي ((لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ)).
الثالث: أن الهماز اللماز يأكل لحم الناس، و ((الْحُطَمَةِ)) اسم للنار من حيث إنها تأكل الجلد واللحم، فيمكن أن يقال: ذكر وصفين: الهمز واللمز، ثم قابلهما باسم واحد: ((لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ))، فكأنه قال: خذ واحداً مني وهو الحطمة، باثنين منك وهما الهمز واللمز، فإنه يفي ويكفي، فكأن السائل يقول: كيف يفي الواحد بالاثنين؟ فكأن
صلى الله عليه وسلم إنك لا تعرف خطر وقدر هذا الواحد، فلذلك قال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ} [الهمزة:5].