قال الله تبارك وتعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى:6].
هذا تعديد لما أفاض عليه من أول أمره إلى ذلك الوقت.
يعني: من أول نشأته يتيماً والله سبحانه وتعالى يرعاه ويحفظه ويكلؤه.
فهذا تعديد لما أفاض عليه عز وجل من أول أمره إلى ذلك الوقت، من فنون النعماء العظام؛ ليستشهد بالحاضر الموجود على المترقب الموعود.
فقوله: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى) هذه كلها في الماضي، حتى يستشهد بالحاضر في إحسان الله فيما مضى، على إحسانه المترقب بقوله: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى).
يعني: أنت قد لمست ذلك في ما مضى، فقطعاً سوف يحصل هذا فيما يستقبل ويكون أمرك إلى ازدياد.
يقول الشاعر: إن رباً كفاك بالأمس ماكان فسيكفيك في غد ما يكون فيطمئن قلبه وينشرح صدره، والهمزة لإنكار النفي وتقرير المنفي على أغلب وجه، كأنه قيل: قد وجدك يتيماً فآوى، وقد وجدك ضالاً فهدى.
والوجود هنا بمعنى العلم، روي أن أباه مات وهو في بطن أمه، وماتت أمه وهو ابن ست سنين، فكفله جده عبد المطلب ثم مات جده وهو ابن ثمان سنين ثم كفله عمه أبو طالب وعطف عليه فأحسن تربيته، وذلك إيواؤه عليه الصلاة والسلام المذكور في قوله: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى).