يقول الله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} [المطففين:10 - 13].
(يكذب بيوم الدين) الدين بمعنى الحساب والمجازاة، وفيه إشعار بأن المطففين ممن يتناولهم هذا الوصف؛ لأن إصرارهم على التعدي والإجرام يدل على عدم الإيمان بالبعث، فقوله تعالى هنا مباشرة بعد أن انتهى الكلام عن المطففين: ((وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)) يشعر أن هؤلاء المطففين ممن يتناولهم هذا الوصف, وهو أنهم يكذبون بيوم الدين؛ لأن الذي يكذب بيوم الدين لا يبالي بما يقع، ولا يخشى حساباً ولا عقاباً، فبالتالي لا ينزجر عما تقوده إليه أهواؤه.
إذاً: إصرار هؤلاء المطففين على التعدي والإجرام وانتقاص حقوق الناس يدل على عدم تصديقهم بالبعث، كما قال تعالى في آية أخرى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [النحل:105] وهذه المعاصي تليق بالذين لا يؤمنون ولا يخافون يوم الحساب، فلا يبالون بما يأتونه وما يفعلونه من الجرائم، فكذلك لا تصدر هذه الأخلاق كالتطفيف ونحوه إلا ممن يكذب بيوم الدين، فهذه الأخلاق لائقة بهم.
قوله تعالى: ((وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ)): أي: كل مجاوز للفطرة الإنسانية، بتجاوزه حد العدالة إلى الإفراط في ارتكاب البغي والعدوان.
قوله: ((أثيم)) , أي: مبالغ في ارتكاب أفاعيل الإثم وأنواع المعاصي.
قوله تعالى: ((إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ)) أي: هذا القرآن حكايات وقصص وأخبار الأولين، وليس بوحي رباني ولا تنزيل إلهي.