يقول الله عز وجل: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا} [الجن:3].
قوله: ((وأنه تعالى جد ربنا)) أي: تعالى ملكه وعظمته وربوبيته عن اتخاذ الصاحبة والولد.
قال ابن جرير: الجد بمعنى الحظ.
وفي الدعاء: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) يقال: فلان ذو جد في هذا الأمر، إذا كان له حظ فيه، وهو الذي يقال له بالفارسية: البخت.
والمعنى: أن الله عز وجل المتصف بالملك والسلطان والقدرة العظيمة منزه عن أن تكون له صاحبة وولد؛ لأن الصاحبة إنما تكون للضعيف العاجز الذي حملته الشهوة إلى اتخاذها، والولد إنما يكون عن شهوة أزعجته إلى الوقاع الذي يحدث منه الولد، فقال النفر من الجن: علا ملك ربنا وسلطانه وقدرته وعظمته أن يكون ضعيفاً ضعف خلقه الذين تضطرهم الشهوة إلى اتخاذ صاحبة أو وقاع ليحصل منه الولد.
فهنا تنزيه الله عز وجل عن أن يكون له ولد؛ لعظم ملكه وقدرته وسلطانه، فمن كان هذا شأنه، فإنه يستغني عن الاحتياج إلى صاحبة وإلى ولد.