يقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} [المعارج:19 - 21].
(هلوعا) قليل الصبر كثير الحرص.
ولفظة الإنسان في القرآن الكريم تشير إلى هذا الكائن البشري من حيث هو عار عن الهداية الإلهية، فالإنسان بدون الهداية الإلهية والتوفيق الرباني يطلق عليه (إنسان)، فلذلك ترتبط به صفات الرذيلة، كقوله تعالى: {وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72]، وقوله تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:2]، وقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان:1]، وكالحال هنا {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} [المعارج:19 - 20]، وهكذا.
فقوله: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} أي: قليل الصبر شديد الحرص، كما بينه في قوله: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ} أي: إذا مسه الضر والبلاء (جزوعا) أي: كثير الجزع من قلة صبره.
((وإذا مسه الخير)) يعني: كثر ماله وناله الغنى، (منوعاً) أي: منوعاً لما في يده نخيلاً له لشدة حرصه.
وهذه الآية مما استعمل فيها الخير بمعنى المال، كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات:8]، وكما في قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة:180] يعني: إن ترك مالاً فهذه منها.