قال تبارك وتعالى: {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ * فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً} [الحاقة:9 - 10].
قوله: ((وجاء فرعون ومن قبله)) يعني: من قبله من الأمم المكذبة كقوم نوح وعاد وثمود.
قوله: ((وَالْمُؤْتَفِكَاتُ)) هي قرى قوم لوط، وقرية سدوم هي القرية الكبرى بالنسبة لديار قوم لوط عليه السلام، وهناك قرى أخرى لقوم لوط، فلذلك جمعت هنا بقوله: ((وَالْمُؤْتَفِكَات)).
وقيل: المؤتفكات: المنقلبات؛ لأن الله سبحانه وتعالى قلبها عليهم كما قلبوا هم فطرة الله تبارك وتعالى وعكسوها.
قوله: ((بِالْخَاطِئَةِ)) أي: بالخطأ، أو بالأفعال الخاطئة.
فالباء تكون سببية، يعني: بسبب الخطأ والذنب والمعصية والخطيئة، أو بسبب الأفعال الخاطئة.
قوله تبارك وتعالى: {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً} الذي ذكر في الآية السابقة قوم فرعون وقوم لوط، فمن المقصود من قوله تعالى: ((فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ))؟.
قيل: ((رسول ربهم)) هو موسى عليه السلام.
وقيل: ((رسول ربهم)) هو لوط عليه السلام.
وقيل: ((رسول ربهم)) هو موسى ولوط عليهما السلام، فإنه يجوز أن يعبر بالمفرد عن المثنى، فيكون التفسير: فعصوا رسولي ربهم، يعني: موسى ولوطاً عليهما السلام، والدليل على أن رسول قد تطلق على المثنى قول الله تبارك وتعالى: {فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:16] فأطلق المفرد على المثنى، فيحتمل هنا أيضاً أن يكون قوله تعالى: ((فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ)) يعني: رسولي ربهم، وهما موسى ولوط عليهما السلام.
وهناك قول رابع في معنى قوله: ((فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ)): وهو أن رسولاً أحياناً تأتي بمعنى الرسالة، يقول الشاعر: لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول قوله: ولا أرسلتهم برسول، يعني: ولا أرسلتهم برسالة، فيطلق أحياناً على الرسالة رسول.
قوله تعالى: ((فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً)) يعني: أخذة عالية زائدة في الشدة على الأخذات السابقة، وعلى عذاب الأمم الغابرة.