قال تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} [القلم:30 - 32].
{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ} أي: يلوم هذا هذا في القسم ومنع المساكين، ويقول: بل أنت أشرت علينا بهذا.
{قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} أي: عاصين بمنع حق الفقراء وترك الاستثناء.
وقال ابن كيسان: طغينا نعم الله فلم نشكرها كما شكرها آباؤنا من قبل.
{عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} تعاقدوا وقالوا: إن أبدلنا الله خيراً منها لنصنعن كما صنعت آباؤنا.
فدعوا الله وتضرعوا فأبدلهم الله من ليلتهم ما هو خير منها، وأمر جبريل أن يقتلع تلك الجنة المحترقة فيجعلها بزغر من أرض الشام، ويأخذ من الشام جنة فيجعلها مكانها، والله أعلم بالحقيقة في ذلك؛ لأن هذا غير مستند إلى نص.
قال الحسن: قول أهل الجنة: {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} لا أدري إيماناً كان ذلك منهم، أو على حد ما يكون من المسرفين إذا أصابتهم الشدة، فيوقف في كونهم مؤمنين.
أي: هل هذا من باب أن المشركين حينما تنزل بهم الشدة يلجئون إلى الله مخلصين أم أنهم آمنوا وتابوا حين قالوا: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ}، فيتوقف في كونهم مؤمنين.
وسئل قتادة عن أصحاب الجنة: أهم من أهل الجنة أم من أهل النار؟ فقال: لقد كلفتني تعباً.
أي: هذا أمر صعب أن نستنبطه من الآيات.
ومعظمهم يقول: إنهم تابوا وأخلصوا.